الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم في القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم [ ص: 440 ] على أنفسهم قالوا : يا رسول الله، كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فأنزل الله : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو الشيخ ، عن يعلى بن مسلم قال : سألت سعيد بن جبير، عن هذه الآية : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان قال : اقرأ ما قبلها فقرأت : يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم إلى قوله : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال : اللغو أن تحرم هذا الذي أحل الله لك وأشباهه، تكفر عن يمينك ولا تحرمه، فهذا اللغو الذي لا يؤاخذكم به، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان، فإن مت عليه أخذت به .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن سعيد بن جبير : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال : هو الرجل يحلف على الحلال أن يحرمه، فقال الله : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم أن تتركه وتكفر عن يمينك، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان قال : ما أقمت عليه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن مجاهد : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال : هما الرجلان يتبايعان، يقول أحدهما : والله لا أبيعك بكذا، ويقول الآخر : والله لا أشتريه بكذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وأبو الشيخ ، عن إبراهيم قال : اللغو، أن يصل الرجل [ ص: 441 ] كلامه بالحلف، والله لتجيئن، والله لتأكلن، والله لتشربن، ونحو هذا، لا يريد به يمينا، ولا يتعمد به حلفا، فهو لغو اليمين، ليس عليه كفارة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن أبي مالك قال : الأيمان ثلاثة، يمين تكفر، ويمين لا تكفر، ويمين لا يؤاخذ بها، فأما التي تكفر فالرجل يحلف على قطيعة رحم أو معصية الله فيكفر يمينه، والتي لا تكفر الرجل يحلف على الكذب متعمدا، لا تكفر، والتي لا يؤاخذ بها، فالرجل يحلف على الشيء يرى أنه صادق، فهو اللغو لا يؤاخذ به .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية