الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور

                                                                                                                                                                                                                                        ( ثم ليقضوا تفثهم ) ثم ليزيلوا وسخهم بقص الشارب والأظفار ونتف الإبط والاستحداد عند الإحلال .

                                                                                                                                                                                                                                        ( وليوفوا نذورهم ) ما ينذرون من البر في حجهم ، وقيل مواجب الحج . وقرأ أبو بكر بفتح الواو وتشديد الفاء . ( وليطوفوا ) طواف الركن الذي به تمام التحلل فإنه قرينة قضاء التفث ، وقيل طواف الوداع . وقرأ ابن عامر وحده بكسر اللام فيهما . ( بالبيت العتيق ) القديم لأنه أول بيت وضع للناس ، أو المعتق من تسلط الجبابرة فكم من جبار رسا إليه ليهدمه فمنعه الله تعالى ، وأما الحجاج فإنما قصد إخراج ابن الزبير منه دون التسلط عليه .

                                                                                                                                                                                                                                        ( ذلك ) خبر محذوف أي الأمر ذلك وهو وأمثاله تطلق للفصل بين كلامين . ( ومن يعظم حرمات الله ) أحكامه وسائر ما لا يحل هتكه ، أو الحرم وما يتعلق بالحج من التكاليف . وقيل الكعبة والمسجد الحرام والبلد الحرام والشهر الحرام والمحرم . ( فهو خير له ) فالتعظيم خير له . ( عند ربه ) ثوابا . ( وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) إلا المتلو عليكم تحريمه ، وهو ما حرم منها لعارض : كالميتة وما أهل به لغير الله فلا تحرموا منها غير ما حرمه الله كالبحيرة والسائبة . ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان ) فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان كما تجتنب الأنجاس ، وهو غاية المبالغة في النهي عن تعظيمها والتنفير عن عبادتها .

                                                                                                                                                                                                                                        ( واجتنبوا قول الزور ) تعميم بعد تخصيص فإن عبادة الأوثان رأس الزور ، كأنه لما حث على تعظيم الحرمات أتبعه ذلك ردا لما كانت الكفرة عليه من تحريم البحائر والسوائب وتعظيم الأوثان والافتراء على الله تعالى بأنه حكم بذلك . وقيل شهادة الزور لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال «عدلت شهادة الزور الإشراك بالله تعالى ثلاثا وتلا هذه الآية » .

                                                                                                                                                                                                                                        والزور من الزور وهو الانحراف كما أن الإفك من الإفك وهو الصرف ، فإن [ ص: 71 ]

                                                                                                                                                                                                                                        الكذب منحرف مصروف عن الواقع .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية