الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 91 ] وقال شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية رحمه الله تعالى الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما فصل " في مرض القلوب وشفائها " قال الله تعالى عن المنافقين : { في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا } وقال تعالى : { ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم } [ ص: 92 ] وقال : { لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا } وقال : { ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا } وقال تعالى : { قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين } وقال : { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا } وقال : { ويشف صدور قوم مؤمنين }

                { ويذهب غيظ قلوبهم } .

                و " مرض البدن " خلاف صحته وصلاحه وهو فساد يكون فيه يفسد به إدراكه وحركته الطبيعية فإدراكه إما أن يذهب كالعمى والصمم . وإما أن يدرك الأشياء على خلاف ما هي عليه كما يدرك الحلو مرا وكما يخيل إليه أشياء لا حقيقة لها في الخارج . وأما فساد حركته الطبيعية فمثل أن تضعف قوته عن الهضم أو مثل أن يبغض الأغذية التي يحتاج إليها ويحب الأشياء التي تضره ويحصل له من الآلام بحسب ذلك ; ولكن مع ذلك المرض لم يمت ولم يهلك ; بل فيه نوع قوة على إدراك الحركة الإرادية في الجملة [ فيتولد من ذلك ] ألم يحصل في البدن إما بسبب فساد الكمية أو الكيفية : ( فالأول أما نقص المادة فيحتاج إلى غذاء وأما بسبب زياداتها [ ص: 93 ] فيحتاج إلى استفراغ . و ( الثاني كقوة في الحرارة والبرودة خارج عن الاعتدال فيداوى .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية