الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو تذكر وهو راكع أو ساجد [ ص: 393 ] أن عليه سجدة فانحط من ركوعه أو رفع رأسه من سجوده فسجدها يعيد الركوع والسجود ) وهذا بيان الأولى لتقع أفعال الصلاة مرتبة بالقدر الممكن ، وإن لم يعد أجزأه لأن الانتقال مع الطهارة شرط وقد وجد . وعن أبي يوسف رحمه الله أنه تلزمه إعادة الركوع لأن القومة فرض عنده .

التالي السابق


( قوله أن عليه سجدة ) أي صلبية أو للتلاوة ( قوله وهذا بيان الأولى ) لأن الترتيب ليس بفرض فيما شرع مكررا في كل الصلاة أو كل ركعة ، بخلاف المتحد على ما قدمنا تفصيله في أول صفة الصلاة فارجع إليه وفيه خلاف زفر على ما ذكرناه آنفا .

بقي أن انتفاء الافتراض لا يستلزم ثبوت الأولوية لجواز الوجوب ، ثم الوجوب هو الثابت على ما قدمه المصنف في أول صفة الصلاة عند عد الواجبات حيث قال : ومراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال ، فأشار في الكافي إلى الجواب حيث قال : ولئن كان الترتيب واجبا فقد سقط بالنسيان ، لكنه لا يدفع الوارد على العبارة : أعني تعليل الأولوية بانتفاء الافتراض في المتكرر ، بل تعليله إنما هو بسقوط الوجوب بالنسيان .

ثم وجه قول زفر في الخلافية أن الصلاة مجمل ولم يقع البيان إلا كذلك .

قلنا : ممنوع ، فإن المسبوق مصل أول صلاته أولا ثم يقضي ما فاته ، فعلم أن الترتيب بين الركعات لم يعتبر فرضا لأن الركن لا يسقط بعذر المسبوقية ، بخلاف الواجب قد يقوم العذر في إسقاطه شرعا ، وعلى هذا لو عكس المسبوق اللاحق الترتيب الذي ذكرناه في حقه آنفا كان آثما عندنا وإن صحت صلاته ، ثم على قوله إذا قضى السجدة وجب عليه قضاء جميع ما أدى بعدها لعدم الاعتداد به حيث كان قبله ما يفترض تقديمه . وعندنا قضاء الركن الذي حدث فيه الذكر استحبابا لا غير إن قضاها عقيبه .

وله أن يؤخرها إلى آخر الصلاة فيقضيها هناك كما هو المذكور في الهداية . وفي فتاوى قاضي خان في آخر فصل ما يوجب السهو ما هو ظاهر في خلافه ، قال في إمام صلى ركعة وترك منها سجدة وصلى أخرى وسجد لها فتذكر المتروكة في السجود أنه يرفع رأسه من السجود ويسجد المتروكة ثم يعيد ما كان فيها لأنها ارتفضت فيعيدها استحسانا ا هـ .

قال : فأما ما قبل ذلك إلى المتروكة هل يرتفض ؟ [ ص: 394 ] إن ما تخلل بين المتروكة وبين الذي تذكر فيها ركعة تامة لا ترتفض باتفاق الروايات فلا تلزمه إعادته ، وإن لم تكن ركعة تامة فكذلك في ظاهر الرواية .

وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يرتفض وقال قبله فيه : وإن تذكر وهو راكع في الثالثة أنه ترك من الركعة الثانية سجدة سجد المتروكة ويتشهد ثم يقوم فيصلي الثالثة والرابعة بركوعهما وسجودهما لأنه لما تذكر في الركوع والركوع قبل رفع الرأس يقبل الارتفاض ، فبسجوده المتروكة رفض الركوع بخلاف ما بعد التمام ا هـ .

والأصح ما في الكتاب لا للقاعدة التي قدمناها في أول باب صفة الصلاة من أن الترتيب بين ما يتحد في كل الصلاة من الأركان وهو القعدة وبين غيرها مطلقا شرط لا بين المتحد في كل ركعة وهو المتعدد في كل الصلاة وبين المتعدد في كل ركعة لأن الشرع علق التمام بالقعدة ، فلو جاز تأخر شيء عنها لكان ذلك الغير متعلقه وهو منتف شرعا ، بخلاف تقديم سجود الركعة على ركوعها والركوع على القيام لأن الركوع شرع وسيلة إلى السجود بعده والقيام إلى الركوع فلا يتحقق ذلك إلا بالتقدم المعهود ، وكذا بتقدم القراءة على الركوع لأنها زينته فلا تتحقق إلا فيه فلا يتصور تقديمه عليها ، وبتذكر السجدة في الركوع الثانية مثلا من الأولى لم يتحقق تقديم له على ركوع الأولى بل هو في محله من التعدية ، غاية الأمر أنه صار بعد ركوع الثانية أيضا إذا لم يعد على ما هو الأمر الجائز خلافا لزفر وهو في التقدير قبله لالتحاقه بمحله من الركعة الأولى ، ووجوب كونه قبله يسقط بالنسيان بدليل حال المسبوق لاشتراكهما في العذر ، بخلاف السجدة في القعدة لأنه قصد في الختم كونه في القعدة معنى وصورة فلا يكفي اعتبارها متأخرة عن السجدة المتذكرة فيها .




الخدمات العلمية