الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ومنها ) ما تضمنه قوله ( إذا ) ( نقلها ) لغير ضرورة ( من محلة ) إلى محلة أخرى ( أو دار إلى ) دار ( أخرى دونها في الحرز ) ولو حرز مثلها ( ضمن ) لتعريضها للتلف سواء أتلف بسبب النقل أم لا .

                                                                                                                            نعم إن نقلها بظن الملك لم يضمن كما قاله في الكفاية ، بخلاف ما لو انتفع بها بظنه ; لأن التعدي هنا أعظم ( وإلا ) بأن لم يكن دونه بأن تساويا فيه أو كان المنقول إليه أحرز ( فلا ) يضمن لعدم التفريط من غير مخالفة وخرج بإلى أخرى نقلها بلا نية تعد من بيت إلى بيت في دار أو خان واحد فلا ضمان به حيث كان الثاني حرز مثلها ، وعلم مما تقرر أنه لو نقلها إلى محلة أو دار هي حرز مثلها من أحرز منها ولم يعين المالك حرزا لم يضمن عند جمهور العراقيين ، ونقل ابن الرفعة فيه الاتفاق ، وقال الأذرعي : إنه الصحيح انتهى .

                                                                                                                            وهو المعتمد وإن نسب للشيخين الجزم بخلافه ، وكأنه أخذه من كلامهما في المحرر والمنهاج وفي الروضة وأصلها في السبب الرابع ، وقد أطلقا في السبب الثامن الجزم بعدم الضمان بالنقل إلى حرز مثلها من أحرز منه وذكرا فيما لو عين المالك حرزا كقوله احفظها في هذا البيت أنه لا يضمنها بنقلها إلى بيت مثله ، إلا إن تلفت بسبب النقل كانهدام البيت الثاني والسرقة منه ، وذكر في الأنوار معهما الغصب منه ، لكن ظاهر كلامهما اعتماد إلحاقه بالموت وجمع الوالد رحمه الله تعالى بينهما بحمل كلام الأنوار فيما إذا كان سبب الغصب النقل وكلامهما في خلافه ، فلو ضم إلى تعيين .

                                                                                                                            [ ص: 121 ] البيت النهي عن النقل فنقل بلا ضرورة فذكر أنه يضمن وإن كان المنقول إليه أحرز لصريح المخالفة بلا حاجة ، فإن نقل لضرورة غارة أو حرق أو غلبة لصوص لم يضمن إذا كان المنقول إليه حرز مثلها ، ولا بأس بكونه دون الأول إذا لم يجد أحرز منه ، ولو ترك النقل في هذه الحالة ضمن وإن حدثت ضرورة فلا ولا يضمن بالنقل أيضا حينئذ ، وحيث منعنا النقل إلا لضرورة فاختلفا فيها صدق المودع بيمينه إن عرفت وإلا طولب ببينة ، فإن لم تكن صدق المالك بيمينه ، هذا كله إن لم يكن ثم نهي ، فإن نهاه عنه ولو مع الخوف فلا وجوب ولا ضمان بتركه ولا أثر لنهي نحو ولي .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : نعم إن نقلها بظن الملك ) أي ولم ينتفع بها ( قوله : وعلم مما تقرر ) يتأمل أي شيء تقرر في كلامه يعلم منه هذا ، بل قضية قوله ومنها إذا نقلها من محلة أو دار إلخ خلافه على أن هذه الصورة هي عين ما تقدم في قوله ، ولو حرز مثلها وبالجملة فالحكم فيما لو نقلها من دار إلى أخرى وهي دونها في الحفظ فيه خلاف فقيل لا يضمن وهذا معنى قوله وعلم مما إلخ ، وقيل يضمن ، وهو معنى قوله فيما سبق ولو حرز مثلها ، فكأنه ذكر الأولى مجاراة لظاهر المتن وبين ما هو المعتمد عنده في قوله وعلم مما تقرر إلخ ، ولم يذكر حج ما ذكره الشارح بقوله وعلم مما تقرر إلخ واقتصر على قوله ولو حرز مثلها وزاد على المعتمد ( قوله : وذكر في الأنوار معهما ) أي مع الانهدام والسرقة [ ص: 121 ] قوله فإن لم تكن ) أي البينة ( قوله : ولا أثر لنهي نحو ولي ) أي بل الواجب على الوديع مراعاة المصلحة في نقلها وعدمه .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وعلم مما تقرر ) فيه نظر ظاهر ، ثم رأيت والد الشارح ذكر في فتاويه أن المتن محمول على ما إذا عين المالك إلخ ونقله عن تصريح جماعة به ، فكأن الشارح تبع والده في ذلك وتوهم أنه قيد المتن فيما مر بالتعيين فقال هنا وعلم مما تقرر ويحتمل أنه أثبت التقييد المذكور وأسقطه النساخ والحاصل أن ما ذكره في قوله وعلم مما تقرر إلخ محترز ذلك القيد الذي قيد به المتن ( قوله : وإن نسب ) يعني الأذرعي : أي والنسبة إليهما غير صحيحة لما قدمناه أن كلامهما فيما إذا عين المالك الحرز ( قوله : وكأنه أخذه من كلامهما في المحرر والمنهاج ) أي حملا لهما على ظاهرهما ، وإلا فهما محمولان على [ ص: 121 ] ما إذا عين المالك الحرز كما تقرر ( قوله : فذكر ) يعني الأنوار ( قوله : وإن حدثت ضرورة فلا ) كذا في نص الشارح ولعل فيها سقطا من الكتبة ، وعبارة الأنوار : وإن قال لا ينقلها وإن حدثت ضرورة فإن نقل لم يضمن وإن ترك فكذلك انتهت . على أن هذا سيأتي في قول الشارح هذا كله إلخ فليحرر ( قوله : وحيث منعنا النقل إلخ ) عبارة الأنوار : ولو نقل وقال نقلت للضرورة وتلفت وأنكرها المالك فإن عرف هناك ما يدعيه صدق بيمينه في التلف وإلا طولب بالبينة ثم يصدق باليمين ، فإن لم تكن بينة فالقول للمالك في نفي المدعى انتهت .




                                                                                                                            الخدمات العلمية