الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( وللإمام ) أي يجوز له ( عزل ) ( قاض ) لم يتعين ( ظهر منه خلل ) لا يقتضي انعزاله ككثرة الشكاوى منه أو ظن أنه ضعيف أو زالت هيبته في القلوب وذلك لما فيه من الاحتياط ، أما ظهور ما يقتضي انعزاله وثبت ذلك فيعزل به ولم يحتج لعزل وإن ظن بقرائن فيحتمل أنه كالأول ، ويحتمل فيه ندب عزله وإطلاق ابن عبد السلام وجوب صرفه عند كثرة الشكاوى منه اختيار له ( أو ) ( لم يظهر ) منه خلل ( وهناك أفضل منه ) فله عزله من غير قيد كما يأتي في المثل رعاية للأصلح للمسلمين ، ولا يجب وإن قلنا إن ولاية المفضول غير منعقدة مع وجود الفاضل لأن الغرض حدوث الأفضل بعد الولاية فلم يقدح فيها ( أو ) هناك ( مثله ) أو دونه ( وفي عزله به مصلحة كتسكين فتنة ) لما فيه من المصلحة للمسلمين ( وإلا ) بأن لم يكن فيه مصلحة ( فلا ) يجوز عزله به لأنه عبث وتصرف الإمام يصان عنه ، واستغنى بذكر المصلحة عن قول أصله هنا ، وليس في عزله فتنة لأنه لا تتم المصلحة إلا إذا انتفت الفتنة ، وبه يندفع قول من زعم أنه لا يغني عنه فقد يكون الشيء مصلحة من وجه ومفسدة من جهة أخرى ( لكن ينفذ العزل في الأصح ) مع إثم المولي والمتولي بذلا لطاعة السلطان ، والثاني لا ، لأنه لا خلل في الأول ولا مصلحة في عزله ، أما إذا تعين بأن لم يكن ثم من يصلح للقضاء غيره فإنه ليس له عزله ، ولو عزله لم ينعزل ، وسكت هنا عن انعزاله بعزل نفسه ، والأصح أن له ذلك كالوكيل هذا في الأمر العام ، أما الوظائف الخاصة كإمامة وأذان وتصوف وتدريس وطلب ونظر ونحوها فلا تنعزل أربابها بالعزل من غير سبب .

                                                                                                                            كما أفتى به جمع متأخرون وهو المعتمد ، ومحل ذلك حيث لم يكن في شرط الواقف ما يقتضي خلاف ذلك ( والمذهب أنه لا ينعزل قبل بلوغه خبر عزله ) لعظم الضرر بنقض وفساد التصرفات ، نعم لو علم الخصم أنه معزول لم ينفذ حكمه له لعلمه أنه غير حاكم باطنا ذكره الماوردي ، فإن رضيا بحكمه كان كالتحكيم بشرطه ، هذا والأوجه خلافه إذا علم الخصم بعزل القاضي لا يخرجه عن كونه قاضيا ولم [ ص: 246 ] يتعرضوا لما يحصل به بلوغ خبر العزل ، وينبغي إلحاق ذلك بخبر التولية بل أولى حتى يعتبر فيه شاهدان وتغني الاستفاضة ، والطريق الثاني حكاية قولين كالوكالة ، ومر الفرق في باب الوكالة ، ولو بلغ الخبر المستنيب دون النائب أو بالعكس انعزل من بلغه ذلك دون غيره خلافا للبلقيني ، ويتجه أن العبرة في بلوغ خبر العزل للنائب بمذهبه لا بمذهب مستنيبه . ( وإذا كتب الإمام إليه إذا قرأت كتابي فأنت معزول فقرأه انعزل ) لوجود الصفة ، وكذا لو طالعه وفهم ما فيه وإن لم يتلفظ به ( وكذا إن قرئ عليه في الأصح ) لأن القصد إعلامه بالعزل لا قراءته بنفسه سواء كان قارئا أم أميا ، والثاني لا ينعزل وهو المصحح في الطلاق ، وفرق الأول بأن المرعي ثم النظر إلى الصفات وهنا إلى الإعلام ، والظاهر أنه يكفي هنا قراءة محل العزل فقط لا جميع الكتاب ، ولا يأتي فيه الخلاف المار في الطلاق فيما إذا انمحى بعضه أو انمحق . ( وينعزل بموته وانعزاله من إذن له في شغل معين كبيع مال ) ميت أو غائب وسماع شهادة في حادثة معينة كالوكيل ( والأصح انعزال نائبه المطلق إن لم يؤذن له في الاستخلاف ) لأن الغرض من الاستخلاف المعاونة وقد زالت ولايته فبطلت المعاونة ( أو ) ( قيل ) له ( استخلف عن نفسك ) لما ذكر ( أو أطلق ) لظهور غرض المعاونة وبطلانها ببطلان ولايته ، وفارق ما مر في نظيره من الوكالة بأن الغرض ثم ليس معاونة الوكيل بل النظر في حق الموكل فحمل الإطلاق على إرادته ، نعم إن عين له الخليفة كان قاطعا لنظره فيكون كما في قوله ( فإن قيل ) أي قال له موليه ( استخلف عني فلا ) ينعزل الخليفة لأنه ليس نائبه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فيحتمل أنه كالأول ) أي وهو قوله وللإمام عزل قاض إلخ فيجوز عزله ( قوله : وإطلاق ابن عبد السلام وجوب صرفه ) أي عزله عن الولاية ( قوله : وإن قلنا إن ولاية المفضول غير منعقدة ) أي لكنا نقول به بل هي منعقدة مع وجود الأفضل ( قوله : مع إثم المولي ) أي السلطان ( قوله : كما أفتى به جمع متأخرون ) وهو المعتمد ، والعبرة في السبب الذي يقتضي العزل بعقيدة الحاكم ( قوله : ما يقتضي خلاف ذلك ) أي بأن كان فيه أن للناظر العزل بلا جنحة ( قوله : لا ينعزل قبل بلوغه خبر عزله ) بالرفع فاعل بلوغ ( قوله : ذكره الماوردي ) ضعيف [ ص: 246 ] قوله : انعزل من بلغه ذلك ) هذا ظاهر إن قلنا بكلام الماوردي فيما لو بلغ الخصم عزل القاضي ولم يبلغ القاضي أما على ما استوجهه من نفوذ الحكم على الخصم وله لعدم انعزال القاضي ففيه نظر وما علل به يقتضي أن النائب لا ينعزل إلا بعد عزل المستنيب ويمكن حمل عدم عزل النائب ببلوغ خبر للمستنيب دونه على ما إذا كان استخلفه عن الإمام .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : والأصح أن له ذلك كالوكيل ) محله إن لم يتعين للقضاء كما صرح به ابن حجر ( قوله : بالعزل ) أي بعزل القاضي ( قوله : خلافا للبلقيني ) يعني في صورة العكس ، وإلا فالبلقيني قائل في صورة الطرد بما قاله الشارح [ ص: 246 ] قوله : لأن القصد إعلامه بالعزل ) قضيته أنه لو قرأه إنسان في نفسه ولو في غير مجلس القاضي ثم أعلمه بما فيه أنه ينعزل وأنه لو قرئ عليه ولم يفهم معناه لكونه أعجميا والكتاب بالعربية ، أو عكسه أنه لا ينعزل حتى يخبره به إنسان فليراجع .

                                                                                                                            ثم رأيت والد الشارح صرح بعدم انعزاله في الأولى ( قوله : لا جميع الكتاب ) يعني فإنه لا تشترط قراءته ، ففي العبارة مسامحة




                                                                                                                            الخدمات العلمية