الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( وله إجبارها على الغسل من الحيض والجنابة والنجاسة ، واجتناب المحرمات ) . أما الحيض والجنابة إذا كانت بالغة ، واجتناب المحرمات : فله إجبارها على ذلك إذا كانت مسلمة . رواية واحدة . وعليه الأصحاب . وعنه : لا تجبر على غسل الجنابة . ذكرها في الرعايتين ، والحاوي ، وغيرهم . قلت : وهو بعيد جدا . وأما غسل النجاسة : فله أيضا إجبارها عليه . على الصحيح من المذهب . وعليه الأصحاب . وقطع به أكثرهم . وفي المذهب رواية يملك إجبارها عليه . قلت : وهو بعيد أيضا . قوله ( إلا الذمية ، فله إجبارها على غسل الحيض ) وكذا النفاس . وهذا الصحيح من المذهب . جزم به في المغني ، والشرح ، والوجيز ، وغيرهم . وصححه في النظم ، وغيره . وقدمه في المحرر ، والنظم ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وغيرهم وعنه : لا يملك إجبارها . فعليها : في وطئه بدون الغسل : وجهان . [ ص: 350 ] وأطلقهما في الفروع . قلت : الصواب الجواز . جزم به في المحرر ، والنظم ، والحاوي الصغير . وقدمه في الرعايتين . فيعايى بها .

والوجه الثاني : لا يجوز . قال في الرعاية الكبرى : وهو أصح . وهو ظاهر كلامه في المغني . فإنه قال : وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس ، مسلمة كانت أو ذمية لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له . فعلى المذهب في أصل المسألة وهو إجبارها في وجوب النية للغسل منه والتسمية ، والتعبد به لو أسلمت : وجهان . وأطلقهما في الفروع . أحدهما : وجوب ذلك . والوجه الثاني : لا يجب ذلك . قال في الرعاية الكبرى في باب " صفة الغسل " وفي اعتبار التسمية في غسل الذمية من الحيض : وجهان . ويصح منها الغسل بلا نية . وخرج ضده . انتهى . وقدم صحة الغسل بلا نية ابن تميم ، والقواعد الأصولية . قلت : الصواب ما قدمه ، وأن التسمية لا تجب . وتقدم في أوائل الحيض شيء من ذلك . فليراجع . وهل المنفصل من غسلها من الحيض والنفاس طاهر ، لكونه أزال مانعا ، أو طهور ، لأنه لم يقع قربة ؟ فيه روايتان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، وابن عبيدان ، والفروع ، وكذلك صاحب الرعايتين ، والحاوي . وهما وجهان في الحاوي الكبير . ذكروه في كتاب الطهارة :

إحداهما : هو طاهر غير مطهر . [ ص: 351 ] قال في الرعاية الكبرى : الأولى جعله طاهرا غير طهور .

والثانية : هو طهور . قدمه ابن تميم ، وابن رزين في شرحه ، في كتاب الطهارة . وقيل : إن لزمها الغسل منه بطلب الزوج قال في الرعاية : قلت : أو السيد فطاهر . وإن لم يطلبه أحدهما ، أو طلبه وقلنا : لا يجب فطهور . وأما المنفصل من غسلها من الجنابة ، فالصحيح من المذهب : أنه طهور . قدمه في الرعايتين ، والفروع . وصححه في الحاوي في كتاب الطهارة . قال المصنف في المغني ، والشارح ، وابن عبيدان ، وابن رزين في شرحه ، في كتاب الطهارة : فطهور قولا واحدا . وقيل : طاهر . وهو احتمال للمصنف . قال في الرعاية : وهو أولى . ثم قال ، قلت : إن وجب غسلها منه في وجه : فطاهر ، وإلا فهو طهور . قوله ( وفي سائر الأشياء روايتان ) . يعني : غير الحيض في حق الذمية . فدخل في هذا الخلاف الذي حكاه : غسل الجنابة ، والنجاسة ، واجتناب المحرمات ، وأخذ الشعر الذي تعافه النفس . وإنما الروايتان في الجنابة . وفي أخذ الشعر والظفر : وجهان . وأطلقهما في المغني ، والشرح ، وشرح ابن منجا ، والفروع .

أحدهما : له إجبارها على ذلك . وهو الصحيح من المذهب . صححه في التصحيح وصححه في تصحيح المحرر ، في الغسل . وجزم به في الوجيز ، في ذلك كله . وقدمه ابن رزين . [ ص: 352 ] وقال في الرعايتين : له إجبارها على غسل الجنابة ، على الأصح كالحيض والنفاس والنجاسة ، وعلى ترك كل محرم ، وأخذ ما تعافه النفس من شعر وغيره . قال الناظم : هذه الرواية أشهر وأظهر . وجزم به في الحاوي الصغير في غير غسل الجنابة . وأطلقهما في غسل الجنابة . قال المصنف ، والشارح : له إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة رواية واحدة . ذكره القاضي . وكذلك الأظفار . انتهيا .

والرواية الثانية : ليس له إجبارها على شيء من ذلك . وقال في الرعاية الكبرى ، وقيل : إن طال الشعر والظفر : وجب إزالتهما ، وإلا فلا . وقيل ، في التنظيف ، والاستحداد : وجهان .

التالي السابق


الخدمات العلمية