الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 272 ] ( و ) بما تقرر ظهر أن ( الأموال ثلاثة ) الأول ( ثمن بكل حال وهو النقدان ) صحبته الباء أو لا ، قوبل بجنسه أو لا ( و ) الثاني ( مبيع بكل حال كالثياب والدواب و ) الثالث ( ثمن من وجه مبيع من وجه كالمثليات ) فإن اتصل بها الباء فثمن وإلا فمبيع . وأما الفلوس فإن رائجة فكثمن وإلا فكسلع والثمن ( من حكمه عدم اشتراط وجوده في ملك العاقد عند العقد وعدم بطلانه ) أي العقد ( بهلاكه ) أي الثمن ( ويصح الاستبدال به في غير الصرف والسلم ) لا فيهما ( وحكم المبيع خلافه ) أي الثمن ( في الكل ) - [ ص: 273 ] فيشترط وجود المبيع في ملكه وهكذا . ومن حكمهما وجوب التساوي عند المقابلة بالجنس في المقدرات كما تقرر .

التالي السابق


( قوله : وبما تقرر ) أي من أول البيوع إلى هنا ط . ( قوله : مبيع بكل حال ) أي قوبل بجنسه أو لا دخلت عليه الهاء أو لا . مطلب في بيان ما يكون مبيعا وما يكون ثمنا

وقد يقال في بيع المقايضة كل من السلعتين مبيع من وجه وثمن من وجه ط . قلت : المراد بالثمن هنا ما يثبت دينا في الذمة وهذا ليس كذلك . ( قوله : كالمثليات ) أي غير النقدين وهي المكيل والموزون والعددي المتقارب . ( قوله : فإن اتصل بها الباء فثمن ) هذا إذا كانت غير متعينة ولم تقابل بأحد النقدين كبعتك هذا العبد بكر حنطة ، أما لو كانت متعينة وقوبلت بنقد فهي مبيعة كما في درر البحار أول البيوع . وفي الشرنبلالية في فصل التصرف في المبيع معزيا للفتح : لو قوبلت بالأعيان وهي معينة فثمن ا هـ ، أي كبعتك هذا العبد بهذا الكر أو هذا الكر بهذا العبد ; لأنه لم يقيده بدخول الباء عليها . وفي الفتح هذا وإن لم تعين : أي المثليات ، فإن صحبها حرف الباء وقابلها مبيع فهي ثمن ، أي وإن لم يصحبها حرف الباء ولم يقابلها ثمن فهي مبيعة ، وهذا لأن الثمن ما يثبت في الذمة دينا عند المقابلة ا هـ ، فالأول كما مثلنا والثاني كقولك اشتريت منك كر حنطة بهذا العبد فيكون الكر مبيعا ويشترط له شرائط السلم .

( قوله : وإلا فمبيع ) أي وإن لم يصحبها الباء فهي مبيع ، وهذا إذا لم يقابلها ثمن وهي غير متعينة كما علمته من كلام الفتح وتكون سلما كما قلنا ، وكذا لو قابلها ثمن بالأولى كاشتريت منك كر حنطة بمائة درهم ، وكذا لو كانت متعينة وقوبلت بثمن كما علمت من عبارة درر البحار . والحاصل أن المثليات تكون ثمنا إذا دخلتها الباء ولم تقابل بثمن : أي بأحد النقدين سواء تعينت أو لا ، وكذا إذا لم تدخلها الباء ولم تقابل بثمن وتعينت ، وتكون مبيعا إذا قوبلت بثمن مطلقا : أي سواء دخلتها الباء أو لا تعينت أو لا ، وكذا إذا لم تقابل بثمن ولم يصحبها الباء ولم تعين كبعتك كر حنطة بهذا العبد كما علم من عبارة الفتح الثانية .

( قوله : وأما الفلوس الرائجة ) يستفاد من البحر أنها قسم رابع حيث قال : وثمن بالاصطلاح ، وهو سلعة في الأصل كالفلوس ، فإن كانت رائجة فهي ثمن وإلا فسلعة ا هـ ط .

( قوله : ويصح الاستبدال به في غير الصرف والسلم ) الأولى أن يقول ويصح التصرف به قبل قبضه في غير الصرف والسلم ; لأن الاستبدال يصح في بدل الصرف ; لأنه لا يتعين بالتعيين فلو تبايعا دراهم بدينار جاز أن يمسكا ما أشار إليه في العقد يؤديا بدله قبل الافتراق [ ص: 273 ] بخلاف التصرف به ببيع ونحوه قبل قبضه كما مر في بابه وأوضحنا ذلك في باب السلم فراجعه . قال في الشرنبلالية في باب التصرف في المبيع ، قوله جاز التصرف في الثمن قبل قبضه ، يستثنى منه بدل الصرف والسلم ; لأن للمقبوض من رأس مال السلم حكم عين المبيع والاستبدال بالمبيع قبل قبضه لا يجوز ، وكذا في الصرف ، ويصح التصرف في القرض قبل قبضه على الصحيح : والمراد بالتصرف نحو البيع والهبة والإجارة والوصية وسائر الديون كالثمن ا هـ . ( قوله : وهكذا ) أي وتقول هكذا في عكس باقي الأحكام المذكورة في الثمن بأن تقول ويبطل البيع بهلاكه ولا يصح الاستبدال به . ( قوله : ومن حكمهما ) أي حكم الثمن والمبيع . ( قوله : كما تقرر ) أي في باب الربا .




الخدمات العلمية