الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والسواك ) سنة مؤكدة كما في الجواهر عند المضمضة ، وقيل : قبلها ، وهو للوضوء عندنا إلا إذا نسيه [ ص: 114 ] فيندب للصلاة ; كما يندب لاصفرار سن وتغير رائحة وقراءة قرآن ; وأقله ثلاث في الأعالي وثلاث في الأسافل ( بمياه ) ثلاثة .

التالي السابق


( قوله : : والسواك ) بالكسر : بمعنى العود الذي يستاك به وبمعنى المصدر . قال في الدرر : وهو المراد هاهنا فلا حاجة إلى تقدير استعمال السواك . ا هـ .

فالمراد الاستياك . قال الشيخ إسماعيل : وبه عبر في الفتح ، وصرح به في الغاية وغيرها ، ونقله ابن فارس في مقياس اللغة وهو في المصباح المنير أيضا ، فلا يرد ما قيل : إنه لم يوجد في الكتب المعتبرة ا هـ ونقله نوح أفندي أيضا عن الحافظ ابن حجر والعراقي والكرماني ، قال : وكفى بهم حجة ( قوله : سنة مؤكدة ) خبر لمبتدإ محذوف إن قدر قوله : والسواك معطوفا على ما قبله لا مبتدأ وعلى العطف فهل هو مرفوع أو مجرور ؟ استظهر في البحر تبعا للزيلعي الثاني ليفيد أن الابتداء به سنة أيضا .

واستظهر في النهر الأول لترجيح كونه عند المضمضة . ثم قيل : إنه مستحب لأنه ليس من خصائص الوضوء وصححه الزيلعي وغيره . وقال في الفتح إنه الحق ، لكن في شرح المنية الصغير : وقد عده القدوري والأكثرون من السنن وهو الأصح ا هـ . قلت : وعليه المتون ( قوله : عند المضمضة ) قال في البحر : وعليه الأكثر ، وهو الأولى لأنه أكمل في الإنقاء ( قوله : وهو للوضوء عندنا ) أي سنة للوضوء . وعند الشافعي للصلاة قال في البحر وقالوا : فائدة الخلاف تظهر فيمن صلى بوضوء واحد صلوات يكفيه عندنا لا عنده . وعلله السراج الهندي في شرح الهداية بأنه إذا استاك للصلاة ربما يخرج دم ، وهو نجس بالإجماع وإن لم يكن ناقضا عند الشافعي .

( قوله : إلا إذا نسيه إلخ ) ذكره في الجوهرة ومفاده أنه لو أتى به عند الوضوء لا يسن له أن يأتي به عند الصلاة ، لكن في الفتح عند الغزنوية : ويستحب في خمسة مواضع : اصفرار السن ، وتغير الرائحة ، والقيام من النوم ، والقيام إلى الصلاة ، وعند الوضوء ، لكن قال في البحر : ينافيه ما نقلوه من أنه عندنا للوضوء لا للصلاة ، ووفق في النهر بحمل ما في الغزنوية على ما في الجوهرة أي أنه للوضوء . وإذا نسيه يكون مندوبا للصلاة لا للوضوء ، وهذا ما أشار إليه الشارح ، لكن قال الشيخ إسماعيل : فيه نظر بالنظر إلى تعليل السراج الهندي المتقدم . ا هـ .

أقول : هذا التعليل عليل ; فقد رد بأن ذاك أمر متوهم مع أنه لمن يثابر عليه لا يدمي . ويظهر لي التوفيق ، بأن معنى قولهم : هو للوضوء عندنا بيان ما تحصل به الفضيلة الواردة فيما رواه أحمد من قوله صلى الله عليه وسلم " { : صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك } أي أنها تحصل بالإتيان به عند الوضوء . وعند الشافعي لا تحصل إلا بالإتيان به عند الصلاة . فعندنا كل صلاة صلاها بذلك الوضوء لها هذه الفضيلة خلافا له ، ولا يلزم [ ص: 114 ] من هذا نفي استحبابه عندنا لكل صلاة أيضا حتى يحصل التنافي . وكيف لا يستحب للصلاة التي هي مناجاة الرب تعالى مع أنه يستحب للاجتماع بالناس .

قال في إمداد الفتاح : وليس السواك من خصائص الوضوء ، فإنه يستحب في حالات منها : تغير الفم ، والقيام من النوم وإلى الصلاة ، ودخول البيت ، والاجتماع بالناس ، وقراءة القرآن ; لقول أبي حنيفة : إن السواك من سنن الدين فتستوي فيه الأحوال كلها . ا هـ . وفي القهستاني : ولا يختص بالوضوء كما قيل ، بل سنة على حدة على ما في ظاهر الرواية . وفي حاشية الهداية أنه مستحب في جميع الأوقات ، ويؤكد استحبابه عند قصد التوضؤ فيسن أو يستحب عند كل صلاة ا هـ وممن صرح باستحبابه عند صلاة أيضا الحلبي في شرح المنية الصغير ، وفي هدية ابن عماد أيضا ، وفي التتارخانية عن التتمة : ويستحب السواك عندنا عند كل صلاة ووضوء وكل ما يغير الفم وعند اليقظة . ا هـ . فاغتنم هذا التحرير الفريد ( قوله : وأقله إلخ ) أقول : قال في المعراج : ولا تقدير فيه ، بل يستاك إلى أن يطمئن قلبه بزوال النكهة واصفرار السن ، والمستحب فيه ثلاث بثلاث مياه . ا هـ .

والظاهر أن المراد لا تقدير فيه من حيث تحصيل السنة ، وإنما تحصل باطمئنان القلب ، فلو حصل بأقل من ثلاث فالمستحب إكمالها كما قالوا في الاستنجاء بالحجر ( قوله : في الأعالي ) ويبدأ من الجانب الأيمن ثم الأيسر وفي الأسافل كذلك بحر . ( قوله : بمياه ثلاثة ) بأن يبله في كل مرة




الخدمات العلمية