الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) ندب إمساكه ( بيمناه ) وكونه لينا ، مستويا بلا عقد ، في غلظ الخنصر وطول شبر . ويستاك عرضا لا طولا ، ولا مضطجعا ; فإنه يورث كبر الطحال ، ولا يقبضه ; فإنه يورث الباسور ، ولا يمصه ; [ ص: 115 ] فإنه يورث العمى ، ثم يغسله ، وإلا فيستاك الشيطان به ، ولا يزاد على الشبر ، وإلا فالشيطان يركب عليه ، ولا يضعه بل ينصبه ، وإلا فخطر الجنون قهستاني . ويكره بمؤذ ، ويحرم بذي سم .

ومن منافعه أنه شفاء لما دون الموت ، ومذكر للشهادة عنده . وعند فقده أو فقد أسنانه تقوم الخرقة الخشنة أو الأصبع مقامه ، كما يقوم العلك مقامه للمرأة مع القدرة عليه .

التالي السابق


( قوله : : وندب إمساكه بيمناه ) كذا في البحر والنهر ، قال في الدرر : لأنه المنقول المتوارث ا هـ . وظاهره أنه منقول عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن قال محشيه العلامة نوح أفندي : أقول : دعوى النقل تحتاج إلى نقل ، ولم يوجد . غاية ما يقال أن السواك إن كان من باب التطهير استحب باليمين كالمضمضة ، وإن كان من باب إزالة الأذى فباليسرى والظاهر الثاني كما روي عن مالك .

واستدل للأول بما ورد في بعض طرق حديث عائشة { أنه صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيامن في ترجله وتنعله وطهوره وسواكه } ورد بأن المراد البداءة بالجانب الأيمن من الفم ا هـ ملخصا . وفي البحر والنهر والسنة في كيفية أخذه أن يجعل الخنصر أسفله والإبهام أسفل رأسه وباقي الأصابع فوقه كما رواه ابن مسعود ( قوله : وكونه لينا ) كذا في الفتح . وفي السراج : يستحب أن يكون السواك لا رطبا يلتوي ; لأنه لا يزيل القلح وهو وسخ الأسنان ، ولا يابسا يجرح اللثة وهي منبت الأسنان . ا هـ . فالمراد أن رأسه الذي هو محل استعماله يكون لينا : أي لا في غاية الخشونة ولا غاية النعومة ، تأمل .

( قوله : بلا عقد ) في شرح درر البحار : قليل العقد ( قوله : في غلظ الخنصر ) كذا في المعراج ، وفي الفتح الأصبع ( قوله : وطول شبر ) الظاهر أنه في ابتداء استعماله ، فلا يضر نقصه بعد ذلك بالقطع منه لتسويته ، تأمل ، وهل المراد شبر المستعمل أو المعتاد ؟ الظاهر الثاني لأنه محمل الإطلاق غالبا ( قوله : : ويستاك عرضا لا طولا ) أي لأنه يجرح لحم الأسنان . وقال الغزنوي : طولا وعرضا . والأكثر على الأول بحر ، لكن وفق في الحلية بأنه يستاك عرضا في الأسنان وطولا في اللسان جمعا بين الأحاديث ، ثم نقل عن الغزنوي أنه يستاك بالمداراة خارج الأسنان وداخلها أعلاها وأسفلها ورءوس الأضراس وبين كل سنين .

( قوله : ولا يقبضه ) أي بيده على خلاف الهيئة المسنونة ( قوله : ولا يمصه ) بضم الميم كيخص ، وأما بلع الريق بلا مص ، ففي الحلية قال [ ص: 115 ] الحكيم الترمذي : وابلع ريقك أول ما تستاك ; فإنه ينفع الجذام والبرص وكل داء سوى الموت ، ولا تبلع بعده شيئا ; فإنه يورث الوسوسة ، يرويه زياد بن علاقة . ا هـ . ( قوله : ولا يضعه إلخ ) أي لا يلقيه عرضا بل ينصبه طولا . قال القهستاني : وموضع سواكه صلى الله عليه وسلم من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب ، وأسوكة أصحابه خلف آذانهم ، كما قال الحكيم الترمذي ، وكان بعضهم يضعه في طي عمامته . ا هـ . ( قوله : وإلا فخطر الجنون ) فإنه يروى عن سعيد بن جبير قال : من وضع سواكه بالأرض فجن من ذلك فلا يلومن إلا نفسه ، حلية عن الحكيم الترمذي .

( قوله : ويكره بمؤذ ) قال في الحلية : وقال غير واحد من العلماء كراهته بقضبان الرمان والريحان . ا هـ . وفي شرح الهداية للعيني : روى الحارث في مسنده عن ضمير بن حبيب قال { : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان ، وقال : إنه يحرك عرق الجذام } وفي النهر : ويستاك بكل عود إلا الرمان والقصب . وأفضله الأراك ثم الزيتون . روى الطبراني { نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة ، وهو سواكي وسواك الأنبياء من قبلي } مطلب في منافع السواك ( قوله : ومن منافعه إلخ ) في الشرنبلالية عن حاشية صحيح البخاري للفارضي : أن منها أنه يبطئ بالشيب ، ويحد البصر . وأحسنها أنه شفاء لما دون الموت ، وأنه يسرع في المشي على الصراط . ا هـ . ومنها ما في شرح المنية وغيره أنه مطهرة للفم ، ومرضاة للرب ، ومفرحة للملائكة ، ومجلاة للبصر ، ويذهب البخر والحفر ، ويبيض الأسنان ، ويشد اللثة ، ويهضم الطعام ، ويقطع البلغم ، ويضاعف الصلاة ، ويطهر طريق القرآن ، ويزيد في الفصاحة ، ويقوي المعدة ، ويسخط الشيطان ، ويزيد في الحسنات ، ويقطع المرة ، ويسكن عروق الرأس ، ووجع الأسنان ، ويطيب النكهة ، ويسهل خروج الروح

. قال في النهر : ومنافعه وصلت إلى نيف وثلاثين منفعة ، أدناها إماطة الأذى ، وأعلاها تذكير الشهادة عند الموت ، رزقنا الله بمنه وكرمه ( قوله : عنده ) أي عند الموت ( قوله : أو الأصبع ) قال في الحلية : ثم بأي أصبع استاك لا بأس به . والأفضل أن يستاك بالسبابتين ، يبدأ بالسبابة اليسرى ثم باليمنى ، وإن شاء استاك بإبهامه اليمنى والسبابة اليمنى ، يبدأ بالإبهام من الجانب الأيمن فوق وتحت ، ثم السبابة من الأيسر كذلك ( قوله : كما يقوم العلك مقامه ) أي في الثواب إذا وجدت النية ، وذلك أن المواظبة عليه تضعف أسنانها فيستحب لها فعله بحر ، وظاهره أنه لا يتقيد بحال المضمضة ط




الخدمات العلمية