الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          قال ابن عقيل في أول الجنائز يكون الخلال من شجر لين ، ولهذا منعنا من السواك بالعود الذي يجرح الحي ، والميت منهي عن أذية جسمه [ ص: 128 ] لقوله عليه السلام : { كسر عظم الميت ككسره حيا } قال : والميت كالحي في الحرمة ، بدليل أن من قصد جثة ميت ليأخذها من أوليائه فينالها بسوء من حرق وإتلاف جاز أن يحاموا عنها بالسلاح ولو آل ذلك إلى قتل الطالب لها كما يحامون عن وليهم الحي . ويكره بقصب كريحان ورمان وآس ونحوها ، وقيل : يحرم ، وكذا تخلله به ، قال بعضهم : ولا يتسوك بما يجهله لئلا يكون من ذلك .

                                                                                                          ويستاك بيساره نقله حرب قال شيخنا : ما علمت إماما خالف فيه كانتثاره . وذكر صاحب المحرر في الاستنجاء بيمينه : يستاك بيمينه ، ويبدأ بجانبه الأيمن ، ويتيامن في انتعاله وترجله ، ولا يصيب السنة بأصبعه ، أو خرقة ، وقيل بلى ( و هـ ) وقيل بقدر إزالته . ويدهن غبا ، واحتجوا بأنه عليه السلام نهى عن الترجل إلا غبا ، ونهى أن يمتشط أحدهم كل يوم ، فدل أنه يكره غير الغب .

                                                                                                          والترجيل تسريح الشعر ودهنه ، وظاهر ذلك أن اللحية كالرأس ، وفي شرح العمدة ودهن البدن . والغب يوما ويوما ، نقله يعقوب ، وفي الرعاية ما لم يجف الأول ، لا مطلقا للنساء ( ش ) ويفعله للحاجة للخبر .

                                                                                                          واختار شيخنا فعل الأصلح بالبلد كالغسل بماء حار ببلد رطب ، لأن المقصود ترجيل الشعر ، ولأنه فعل الصحابة رضي الله عنهم ، وأن مثله نوع اللبس والمأكل ، وأنهم لما فتحوا الأمصار كان كل منهم يأكل من قوت بلده ، ويلبس من لباس بلده من غير أن يقصدوا قوت المدينة ولباسها ، قال ومن هذا أن الغالب على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه الإزار [ ص: 129 ] والرداء ، فهل هما أفضل لكل أحد ولو مع القميص ، أو الأفضل مع القميص السراويل فقط ؟ هذا مما تنازع فيه العلماء ، والثاني أظهر ، فالاقتداء به : تارة يكون في نوع الفعل وتارة في جنسه ، فإنه قد يفعل الفعل لمعنى يعم ذلك النوع وغيره ، لا لمعنى يخصه ، فيكون المشروع هو الأمر العام قال : وهذا ليس مخصوصا بفعله وفعل أصحابه ، بل وبكثير مما أمرهم به ونهاهم عنه ، وعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة مرفوعا أن { البذاذة من الإيمان } يعني التقحل ، رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ، وفي لفظ يعني التقشف .

                                                                                                          وقال أحمد البذاذة التواضع في اللباس ، وعن فضالة بن عبيد قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا عن كثير من الإرفاه ، ويأمرنا أن نحتفي أحيانا } رواه أبو داود ، وعن عبد الله بن سفيان عن صحابي عامل بمصر قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهانا عن الإرفاه والترجيل كل يوم } . وذكر صاحب النظم هذا المعنى ويأتي في آخر ستر العورة .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية