الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        ( قوله : واللبن المخلوط بالطعام لا يحرم ) أطلقه فأفاد أنه لا فرق بين كون اللبن غالبا بحيث يتقاطر عند رفع اللقمة أو لا عند أبي حنيفة وهو الصحيح مطبوخا أو لا لأن الطعام أصل ، واللبن تابع فيما هو المقصود وهو التغذي وهو مناط التحريم ولأن الغلبة إنما تعتبر حالة الوصول إلى المعدة ، وفي تلك الحالة الطعام هو الغالب وقالا إن كان اللبن غالبا تعلق به التحريم نظرا للغالب ، والخلاف فيما إذا لم تمسه النار أما المطبوخ فلا اتفاقا ويدخل في الطعام الخبز ، وقال المصنف في المستصفى إنما يثبت التحريم عنده إذا لم يشربه أما إذا حساه ينبغي أن يثبت ويؤيده ما في فتاوى قاضي خان هذا إذا أكل الطعام لقمة لقمة فإذا حساه حسوا ثبتت الحرمة في قولهم جميعا ، والحق أن لقول أبي حنيفة رضي الله عنه علتين كما ذكرنا فعلى الأولى لا فرق بين الحسو وغيره وعلى الثانية يفرق بين الحسو وغيره كما أفاده في المحيط قال ووضع محمد في الأكل يدل على هذا ا هـ .

                                                                                        وفي القاموس : حسا زيد المرق شربه شيئا بعد شيء وقيد بكونه مخلوطا لأن لبن المرأة إذا جبن وأطعم الصبي تعلق به التحريم كذا في الجوهرة ، وفي البدائع خلافه ولفظه ولو جعل اللبن مخيضا أو رائبا أو شيرازا أو جبنا أو أقطا أو مصلا فتناوله الصبي لا يثبت التحريم به لأن اسم الرضاع لا يقع عليه ولذا لا ينبت اللحم ولا ينشر العظم ولا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم به ا هـ .

                                                                                        ( قوله : ويعتبر الغالب لو بماء ودواء ولبن شاة وامرأة أخرى ) أي لو اختلط اللبن بما ذكر يعتبر الغالب فإن كان الغالب الماء لا يثبت التحريم كما إذا حلف لا يشرب لبنا لا يحنث بشرب الماء الذي فيه أجزاء اللبن وتعتبر الغلبة من حيث الأجزاء كذا في أيمان الخانية وكذا إذا كان الغالب هو الدواء وفسر الغلبة في الخانية بأن يغيره ثم قال وقال أبو يوسف إن غير طعم اللبن ولونه لا يكون رضاعا ، وإن غير أحدهما دون الآخر كانت رضاعا ا هـ .

                                                                                        ومثل الدواء الدهن أو النبيذ سواء أوجر بذلك أو أسعط كذا في فتح القدير وكذا إذا كان الغالب لبن الشاة لأن لبنها لما لم يكن له أثر في إثبات الحرمة كان كالماء ولو استويا وجب ثبوت الحرمة لأنه غير مغلوب فلم يكن مستهلكا وإذا اختلط لبن امرأتين تعلق التحريم بأغلبهما عندهما وقال محمد تعلق بهما كيفما كان لأن الجنس لا يغلب الجنس وهو رواية عن أبي حنيفة قال في الغاية وهو أظهر وأحوط ، وفي شرح المجمع قيل إنه الأصح ، وفي الجوهرة وأما إذا تساويا تعلق بهما جميعا إجماعا لعدم الأولوية وأما لو حلف لا يشرب لبن هذه البقرة فخلط لبنها بلبن بقرة أخرى فشربه ولبن البقرة المحلوف عليها مغلوب لا يحنث عندهما خلافا لمحمد ولو كان غالبا حنث اتفاقا ولو استويا ذكر في أيمان الخانية أنه يحنث استحسانا .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية