الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        قال : رحمه الله ( ولبس ما سداه حرير ولحمته قطن أو خز ) يعني حل للرجال لبس هذا لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يلبسون الخز وهو اسم للمسدى بالحرير ولأن الثوب لا يصير ثوبا إلا بالنسج ، والنسج باللحمة فكانت هي المعتبرة أو تقول لا يكون ثوبا إلا بهما فتكون العلة ذات وجهين فيعتبر التي تظهر في المنظر وهي اللحمة فتكون العبرة لما يظهر دون ما يخفى والديباج لغة وعرفا ما كان كله حريرا قال في المغرب : الديباج الذي سداه ولحمته إبريسم قال في النهاية وغيرها : وجوه هذه المسألة ثلاثة الأول ما يكون كله حريرا وهو الديباج لا يجوز لبسه في غير الحرب بالاتفاق وأما في الحرب فعند الإمام لا يجوز وعندهما يجوز والثاني ما يكون سداه حريرا ولحمته غيره ولا بأس به بالحرب وغيره ، والثالث عكس الثاني وهو مباح في الحرب دون غيره كما سيأتي والخز وبر دابة تخرج من البحر يؤخذ وينسخ .

                                                                                        قال : رحمه الله ( وعكسه حل في الحرب فقط ) يعني ولو عكس المذكور وهو أن تكون لحمته حريرا وسداه غيره وهو لا يجوز إلا في الحرب لما ذكرنا أن العبرة باللحمة ولا يجوز لبس الحرير الخالص في الحرب عند الإمام وعندهما يجوز لما روي أنه عليه الصلاة والسلام { رخص في لبس الحرير الخالص في الحرب ورخص في لبس الخز والديباج في الحرب } فلأن فيه ضرورة ; لأن الخالص منه أرفع لعدة السلاح وأهيب في عين العدو ليريعه وللإمام إطلاق النصوص الواردة في النهي عن لبس الحرير من غير تفصيل والضرورة اندفعت بالمخلوط فلا حاجة إلى الخالص وقال أبو يوسف : أكره ثوب القز يكون بين الظهارة والبطانة ، ولا أرى محشو القز ; لأن الحشو غير ملبوس فلا يكون ثوبا قال هذا الجواز في الحرب إذا كان الثوب صفيقا يجيء منه بأس إلى ارتهاب العدو في الحرب ، وأما إذا كان رقيقا لا يجيء منه الارتهاب للعدو فإنه يكره بالإجماع ولو جعل ظهارة أو بطانة فهو مكروه ; لأن كليهما مقصود وتقدم لو جعل محشوا كذا في المحيط وفي التتارخانية : وإنما يكره اللبس إذا لم تقع الحاجة في لبس فلو كان به جرب أو حكة كثيرا ولا يجد غيره لا يكره لبسه وفي السراجية ويكره أن يلبس الذكورة قلنسوة الحرير ويكره لبس الثوب المعصفر .

                                                                                        وفي المنتقى عن الإمام يكره للرجال أن يلبسوا الثوب المصبوغ بالعصفر أو الورس أو الزعفران وفي الذخيرة عن محمد النهي عن لبس المعصفر قيل المراد به أن يلبس المعصفر ليحبب نفسه للنساء وورد وإياكم والأحمر فإنه زي الشيطان ولا يكره اللبد الأحمر للسرج وفي الذخيرة : وسئل عن الزينة والتجمل في الزينة فقال ورد عنه عليه الصلاة والسلام { أنه خرج وعليه رداء قيمتها أربعة آلاف درهم فقال إذا أنعم الله على العبد بنعمة يجب أن يظهر أثرها عليه } قال الإمام بالجواز وفي الخلاصة لا بأس بلبس الثياب الجميلة إذا كان لا ينكر عليه فيه ولا بأس بجمع المال من الحلال إذا كان لا يضيع الفرائض ولا يمنع حقوق الله تعالى وفي التتمة إرخاء الستر في البيوت مكروه وفي الظهيرية يجوز للإنسان أن يبسط في بيته ما شاء من الثياب المتخذة من الصوف والقطن والكتان المصبوغة وغير المصبوغة والمنقشة وغير المنقشة وله أن يستر الجدار باللبد وغيره ويجوز أن يبسط ما فيه صورة وفي الفتاوى العتابية ويكره أن يتخذ للجواري ثيابا كالرجل ويتخذ لهن ثيابا كثياب النساء ويكره للرجال السراويل التي تقع على ظهر القدم وفي الملتقط ولا بأس بجلود النمر وسائر السباع وفي الإبانة يجوز لبس النعل المسمر بالمسامير الحديد وفي الذخيرة الثوب المتنجس بنجاسة تمنع جواز الصلاة هل يجوز للبسه في غير الصلاة عن أبي يوسف لا يجوز لبسه في غير الصلاة بلا ضرورة .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية