الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1867 76 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثني جعفر بن عون قال : حدثنا أبو العميس ، عن عون بن أبي جحيفة ، عن أبيه قال : آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء ، فزار سلمان أبا الدرداء ، فرأى أم الدرداء متبذلة ، فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا . فجاء أبو الدرداء ، فصنع له طعاما ، فقال : كل ، قال : فإني صائم ، قال : ما أنا بآكل حتى تأكل ، قال : فأكل ، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، قال : نم ، فنام ، ثم ذهب يقوم ، فقال : نم ، فلما كان من آخر الليل ، قال سلمان : قم الآن ، فصليا ، فقال له سلمان : إن لربك عليك حقا ، ولنفسك عليك حقا ، ولأهلك عليك حقا ، فأعط كل ذي حق حقه . فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : صدق سلمان .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن أبا الدرداء صنع لسلمان طعاما ، وكان سلمان صائما ، فأفطر بعد محاورة ، ثم لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 77 ] وأخبره بذلك لم يأمره بالقضاء ، وقال بعضهم : ذكر القسم لم يقع في حديث أبي جحيفة هنا ، وأما القضاء فليس في شيء من طرقه إلا أن الأصل عدمه ، وقد أقره الشارع ، ولو كان القضاء واجبا لبينه مع حاجته إلى البيان . انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : في رواية البزار ، عن محمد بن بشار شيخ البخاري في هذا الحديث ، فقال : أقسمت عليك لتفطرن ، وكذا في رواية ابن خزيمة ، والدارقطني ، والطبراني ، وابن حبان ، فكأن شيخ البخاري محمد بن بشار لما حدث بهذا الحديث لم يذكر له هذه الجملة ، وبلغ البخاري ذلك من غيره ، فذكرها في الترجمة ، وإن لم يقع في روايته ، وقد ذكر البخاري هذا الحديث أيضا في كتاب الأدب ، عن محمد بن بشار بهذا الإسناد ، ولم يذكر هذه الجملة أيضا .

                                                                                                                                                                                  وقيل : القسم مقدر قبل قوله ( ما أنا بآكل ) كما في قوله تعالى : وإن منكم إلا واردها

                                                                                                                                                                                  وأما قوله ( وأما القضاء .. ) إلى آخره ، فالجواب عنه أن القضاء ثبت في غيره من الأحاديث ، ونذكرها الآن ، وقوله ( فليس في شيء من طرقه ) لا يستلزم عدم ذكره القضاء في طرق هذا الحديث نفي وجوب القضاء في طرق غيره ، وقوله ( إلا أن الأصل عدمه ) أي : عدم القضاء غير مسلم بل الأصل وجوب القضاء ؛ لأن الذي يشرع في عبادة يجب عليه أن يأتي بها ، وإلا يكون مبطلا لعمله ، وقد قال تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : قال أبو عمر : أما من احتج في هذه المسألة بقوله تعالى : ولا تبطلوا أعمالكم فجاهل بأقوال أهل العلم ، وذلك أن العلماء فيها على قولين ، فيقول أكثر أهل السنة : لا تبطلوها بالرياء أخلصوها لله تعالى ، وقال آخرون : لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر .

                                                                                                                                                                                  قلت : من أين لأبي عمر هذا الحصر .

                                                                                                                                                                                  وقد اختلفوا في معناه ، فقيل : لا تبطلوا الطاعات بالكبائر ، وقيل : لا تبطلوا أعمالكم بمعصية الله ومعصية رسوله ، وعن ابن عباس : لا تبطلوها بالرياء والسمعة عنه بالشك والنفاق ، وقيل : بالعجب ، فإن العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ، وقيل : لا تبطلوا صدقاتكم بالمن ، والأذى على أن قوله : ولا تبطلوا أعمالكم عام يتناول كل من يبطل عمله سواء كان في صوم أو في صلاة ونحوهما من الأعمال المشروعة ، فإذا نهى عن إبطاله يجب عليه قضاؤه ليخرج عن عهدة ما شرع فيه وأبطله .

                                                                                                                                                                                  وأما الأحاديث الموعود بذكرها ، فمنها ما رواه الترمذي قال : حدثنا أحمد بن منيع ، حدثنا كثير بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : كنت أنا وحفصة صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه ، فأكلنا منه ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبدرتني إليه حفصة ، وكانت ابنة أبيها ، فقالت : يا رسول الله إنا كنا صائمتين ، فعرض لنا طعام اشتهيناه ، فأكلنا منه ، فقال : اقضيا يوما آخر مكانه .

                                                                                                                                                                                  ورواه أبو داود ، والنسائي أيضا من رواية يزيد بن الهاد ، عن زميل مولى عروة ، عن عروة ، عن عائشة قالت : أهدي لي ولحفصة طعام ، وكنا صائمتين ، فأفطرنا ، ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلنا له : يا رسول الله إنا أهديت لنا هدية ، فاشتهيناها فأفطرنا ، فقال : لا عليكما صوما مكانه يوما آخر .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه النسائي من رواية جعفر بن برقان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها ، وأخرجه أيضا من رواية يحيى بن أيوب ، عن إسماعيل بن عقبة ، قال : وعندي في موضع آخر : أو إسماعيل بن إبراهيم ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قال يحيى بن أيوب ، وحدثني صالح بن كيسان ، عن الزهري .. مثله . قال النسائي : وجدته في موضع آخر عندي حدثني صالح بن كيسان ، ويحيى بن سعيد مثله .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : قال الترمذي : رواه مالك بن أنس ، ومعمر ، وعبيد الله بن عمر ، وزياد بن سعد ، وغير واحد من الحفاظ ، عن الزهري ، عن عائشة مرسلا ، وقال الترمذي أيضا في ( العلل ) : سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث ، فقال : لا يصح حديث الزهري ، عن عروة ، عن عائشة في هذا ، قال : وجعفر بن برقان ثقة ، وربما يخطئ في الشيء ، وكذا قال محمد بن يحيى الذهلي : لا يصح عن عروة ، وقال النسائي في ( سننه ) بعد أن رواه : هذا خطأ ، وقال أبو عمر في ( التمهيد ) بعد ذكره لهذا الحديث : مدار حديث صالح بن كيسان ، ويحيى بن سعيد على يحيى بن أيوب ، وهو صالح ، وإسماعيل بن إبراهيم متروك الحديث ، وجعفر بن برقان في الزهري ليس بشيء ، وسفيان بن حسين وصالح بن أبي الأخضر في حديثهما خطأ كثير ، قال : وحفاظ ابن شهاب يروونه مرسلا .

                                                                                                                                                                                  قلت : وقد وصله آخرون ، فجعلوه عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، وهم جعفر بن برقان ، وسفيان بن حسين ، ومحمد بن أبي حفصة ، وصالح بن أبي الأخضر ، وإسماعيل بن إبراهيم بن عقبة ، وصالح بن كيسان ، وحجاج بن أرطأة ، وإذا دار الحديث بين الانقطاع والاتصال ، فطريق الاتصال أولى ، وهو قول الأكثرين ، وذلك لأن طريق الانقطاع ساكت عن [ ص: 78 ] الراوي وحاله أصلا ، وفي طريق الاتصال بيان له ، ولا معارضة بين الساكت والناطق ، ولئن سلمنا أنه روي مرسلا أنه أصح ، وقد وافقه حديث متصل ، وهو حديث عائشة بنت طلحة رواه الطحاوي قال : حدثنا المزني قال : حدثنا الشافعي قال : حدثنا سفيان ، عن طلحة بن يحيى ، عن عمته عائشة بنت طلحة ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : يا رسول الله إنا قد خبأنا لك حيسا ، فقال : أما إني كنت أريد الصوم ، ولكن قربيه ، سأصوم يوما مكان ذلك .

                                                                                                                                                                                  قال محمد هو ابن إدريس : سمعت سفيان عامة مجالستي إياه لا يذكر فيه : سأصوم يوما مكان ذلك ، قال : ثم إني عرضت عليه الحديث قبل أن يموت بسنة ، فأجاب فيه سأصوم يوما مكان ذلك . ورواه البيهقي في ( سننه الكبير ) من طريق الطحاوي ، وفي كتابه ( المعرفة ) أيضا ، ففي هذا الحديث ذكر وجوب القضاء ، وفي حديث عائشة ما قد وافق ذلك .

                                                                                                                                                                                  ثم انظر ما أقول لك من العجب العجاب ، وهو أن أحمد قال : هذا الحديث قد رواه جماعة عن سفيان دون هذه اللفظة ، ورواه جماعة عن طلحة بن يحيى دون اللفظة ، منهم سفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وعبد الواحد بن زياد ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويعلى بن عبيد ، وغيرهم ، وأخرجه مسلم في ( صحيحه ) من حديث عبد الواحد ، وغيره دون هذه اللفظة ، وقال البيهقي في ( السنن الكبيرة ) : رواية هؤلاء تدل على خطأ هذه اللفظة ، وهذا العجب العجاب منه أن يخطئ هاهنا إمامه الشافعي ، ويخطئ مثل سفيان بن عيينة ، والشافعي إمام ثقة .

                                                                                                                                                                                  وروى هذه اللفظة من مثل سفيان الذي هو من أكبر مشايخه ، ثم لم يذكر خلافه عنه ، ثم يتلفظ بمثل هذا الكلام البشيع لأجل تضعيف ما احتجت به الحنفية ، وغمض عينيه من جهة الشافعي ، ومن جهة شيخه ، وليس هذا من دأب العلماء الراسخين ، فضلا عن العلماء المقلدين .

                                                                                                                                                                                  وأما قول البخاري والذهلي : إنه لا يصح ، فهو نفي ، والإثبات مقدم عليه ، وقوله : قال النسائي هذا خطأ ، دعوى بلا إقامة برهان ؛ لأن كونه مرسلا على زعمهم لا يستلزم كونه خطأ، وقول أبي عمر فيه وهمان أحدهما أن قوله : مدار حديث يحيى بن سعيد على يحيى بن أيوب غفلة منه ، فإنه هو بعد هذا بأسطر رواه من رواية أبي خالد الأحمر ، عن يحيى بن سعيد ، وغيره ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .

                                                                                                                                                                                  والثاني أن قوله : وإسماعيل بن إبراهيم متروك الحديث ، قد انقلب عليه هذا الاسم ، فظن إسماعيل بن إبراهيم هو ابن حبيبة ، قال فيه أبو حاتم : متروك الحديث ، وليس هو الراوي لهذا الحديث ، وهذا إسماعيل بن عقبة احتج به البخاري ، ووثقه ابن معين ، وأبو حاتم ، والنسائي .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : في رواية أبي داود التي تقدمت وذكرناها آنفا زميل مولى عروة ، عن عروة قال البخاري : لا يصح لزميل سماع من عروة ، ولا ليزيد من زميل ، ولا تقوم به الحجة .

                                                                                                                                                                                  قلت : في ( سنن ) النسائي التصريح بسماع يزيد منه ، وقول البخاري : لا يصح لزميل سماع عن عروة - نفي ، فيقدم عليه الإثبات ، وزميل هو ابن عباس أو عياش مولى عروة ، قيل : بضم الزاي وفتح الميم ، وقيل : بفتح الزاي وكسر الميم ، ولحديث عائشة رضي الله تعالى عنها طريق آخر رواه النسائي عن أحمد بن عيسى ، عن ابن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة رضي الله تعالى عنها .. الحديث ، وفي آخره قال : صوما يوما مكانه ، وأخرجه ابن حبان في ( صحيحه ) ، عن ابن قتيبة ، عن حرملة ، عن ابن وهب ، وقال ابن عبد البر في ( التمهيد ) : وأحسن حديث في هذا الباب حديث ابن الهاد عن زميل ، عن عروة ، وحديث جرير بن حازم ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة .

                                                                                                                                                                                  ومنها ما رواه ابن عباس أخرجه النسائي من رواية خطاب بن القاسم ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم دخل على حفصة وعائشة ، وهما صائمتان ، ثم خرج ، فرجع وهما يأكلان ، فقال : ألم تكونا صائمتين ؟ قالتا : بلى ، ولكن أهدي لنا هذا الطعام ، فأعجبنا فأكلنا منه ، فقال : صوما يوما مكانه .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : قال النسائي ، وابن عبد البر : هذا الحديث منكر .

                                                                                                                                                                                  قلت : إنما قالا ذلك بسبب خطاب بن القاسم ، عن خصيف ؛ لأن فيهما مقالا فيما قاله عبد الحق ، وقال ابن القطان : خطاب ثقة ، قاله ابن معين ، وأبو زرعة ، ولا أحفظ لغيرهما فيه ما يناقض ذلك ، وقال أبو داود ، ويحيى بن معين ، وأبو زرعة ، والعجلي : خصيف ثقة ، عن ابن معين صالح ، وعنه ليس به بأس ، وعن أحمد : ليس بحجة .

                                                                                                                                                                                  ومنها حديث أبي هريرة رواه العقيلي في ( تاريخ الضعفاء ) من حديث محمد بن أبي سلمة ، عن محمد بن عمر ، وعن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : أهديت لعائشة وحفصة هدية ، وهما صائمتان ، فأكلتا منها ، فذكرتا ذلك لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، فقال : اقضيا يوما مكانه ، ولا تعودا . أورده في ترجمة محمد بن أبي سلمة المكي ، وقال : لا يتابع على حديثه .

                                                                                                                                                                                  ومنها حديث أم سلمة رواه الدارقطني [ ص: 79 ] في الأفراد من رواية محمد بن حميد ، عن الضحاك بن حمرة ، عن منصور بن أبان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة : أنها صامت يوما تطوعا فأفطرت ، فأمرها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أن تقضي يوما مكانه .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : قال الدارقطني : تفرد به الضحاك ، عن منصور ، والضحاك ليس بشيء ، قاله ابن معين ، ومحمد بن حميد كذاب ، قاله أبو زرعة .

                                                                                                                                                                                  قلت : الضحاك بن حمرة بضم الحاء المهملة ، وبعد الميم راء ، الأملوكي الواسطي ذكره ابن حبان في ( الثقات ) ، وإذا كان الضحاك ثقة لا يروي عن كذاب .

                                                                                                                                                                                  ومنها حديث جابر رواه الدارقطني من حديث محمد بن المنكدر عنه قال : صنع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم طعاما ، فدعا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأصحابا له ، فلما أتي بالطعام تنحى أحدهم ، فقال له صلى الله تعالى عليه وسلم : ما لك ؟ فقال : إني صائم ، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : تكلف لك أخوك وصنع ، ثم تقول : إني صائم ، كل وصم يوما مكانه .

                                                                                                                                                                                  وروى الطحاوي من حديث سعيد بن أبي الحسن ، عن ابن عباس : أنه أخبر أصحابه أنه صام ، ثم خرج عليهم ، ورأسه يقطر ، فقالوا : ألم تك صائما ؟ قال : بلى ، ولكن مرت بي جارية لي ، فأعجبتني فأصبتها ، وكانت حسنة ، فهممت بها ، وأنا قاضيها يوما آخر .

                                                                                                                                                                                  وأخرج ابن حزم في ( المحلى ) من طريق وكيع ، عن سيف بن سليمان المكي قال : خرج عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوما على الصحابة ، فقال : إني أصبحت صائما ، فمرت بي جارية فوقعت عليها ، فما ترون ؟ قال : فلم يألوا ما شكوا عليه ، وقال له علي رضي الله تعالى عنه : أصبت حلالا ، وتقضي يوما مكانه ، قال له عمر رضي الله تعالى عنه : أنت أحسنهم فتيا .

                                                                                                                                                                                  وروى ابن أبي شيبة في ( مصنفه ) : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن عثمان البتي ، عن أنس بن سيرين رضي الله تعالى عنه أنه صام يوم عرفة ، فعطش عطشا شديدا ، فأفطر ، فسأل عدة من أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، فأمروه أن يقضي يوما مكانه .

                                                                                                                                                                                  وروي وجوب القضاء عن أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، وعائشة ، وأم سلمة رضي الله تعالى عنهم ، وهو قول الحسن البصري ، وسعيد بن جبير في قول ، وأبي حنيفة ، ومالك ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله . ومذهب مجاهد ، وطاوس، وعطاء ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق : أن المتطوع بالصوم إذا أفطر بعذر أو بغير عذر لا قضاء عليه إلا أنه يحب هو أن يقضيه ، وروي ذلك عن سلمان ، وأبي الدرداء ، واحتجوا في ذلك بحديث أم هانئ رواه أحمد عنها : أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم شرب شرابا ، فناولها لتشرب ، فقالت : إني صائمة ، ولكني كرهت أن أرد سؤرك ، فقال : إن كان من قضاء رمضان فاقضي يوما مكانه ، وإن كان تطوعا فإن شئت فاقضي ، وإن شئت فلا تقضي .

                                                                                                                                                                                  وأخرجه الطحاوي من ثلاث طرق ، وأخرجه الترمذي ، حدثنا محمود بن غيلان قال : حدثنا أبو داود قال : أنبأنا شعبة ، كنت أسمع سماك بن حرب يقول : حدثني أحد بني أم هانئ ، فلقيت أفضلهم ، وكان اسمه جعدة ، فحدثني عن جدته : أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم دخل عليها ، فدعا بشراب فشرب ، ثم ناولها ، فشربت ، فقالت : يا رسول الله ، أما إني كنت صائمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام ، وإن شاء أفطر . قال شعبة : فقلت له : أنت سمعت هذا من أم هانئ ؟ قال : لا ، أخبرني أبو صالح وأهلنا ، عن أم هانئ .

                                                                                                                                                                                  وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن سماك ، فقال : ابن بنت أم هانئ ، ورواية شعبة أحسن ، وقال الترمذي : حديث أم هانئ في إسناده مقال .

                                                                                                                                                                                  قلت : هذا الحديث فيه اضطراب متنا وسندا ، أما الأول فظاهر ، وقد ذكر فيه أنه كان يوم الفتح ، وهي أسلمت عام الفتح ، وكان الفتح في رمضان ، فكيف لا يلزمها قضاؤه ، وقال الذهبي في ( مختصر سنن البيهقي ) : ولا أراه يصح ، فإن يوم الفتح كان صومها فرضا لأنه رمضان ، وقال غيره : ومما يوهن هذا الخبر أنها يوم الفتح ، فلا يجوز لها أن تكون متطوعة ؛ لأنها كانت في شهر رمضان قطعا .

                                                                                                                                                                                  وأما اضطراب سنده ، فاختلف سماك فيه ، فتارة رواه عن أبي صالح ، وتارة عن جعدة ، وتارة عن هارون ، أما أبو صالح فهو باذان ، ويقال : باذام ضعفوه ، وقال البيهقي : ضعيف لا يحتج بخبره ، وقال في باب أصل القسامة : أبو صالح ، عن ابن عباس ضعيف ، وعن الكلبي قال لي أبو صالح : كل ما حدثتك به كذب . وفي ( السنن الكبرى ) للنسائي : هو ضعيف الحديث ، وعن حبيب بن أبي ثابت : كنا نسميه الدرودن ، وهو باللغة الفارسية الكذاب . وقال النسائي : وقد روي أنه قال في مرضه : كل شيء حدثتكم به فهو كذب ، وأما جعدة فمجهول ، وقال النسائي : لم يسمعه جعدة عن أم هانئ ، وأما هارون فمجهول الحال ، قاله ابن القطان ، واختلف في نسبه ، فقيل [ ص: 80 ] ابن أم هانئ ، وقيل : ابن هانئ ، وقيل : ابن ابنة أم هانئ ، وقيل : هذا وهم ، فإنه لا يعرف لها بنت ، وقال النسائي : اختلف على سماك فيه ، وسماك لا يعتمد عليه إذا انفرد بالحديث ، وقد رواه النسائي ، وغيره من غير طريق سماك فيه ، وليس فيه قوله ( فإن شئت فاقضيه ، وإن شئت فلا تقضيه ) ، ولم يرو هذا اللفظ عن سماك غير حماد بن سلمة ، وأخرجه البيهقي من رواية حاتم بن أبي صغيرة ، وأبي عوانة ، كلاهما عن سماك ، وليس فيه هذه اللفظة .

                                                                                                                                                                                  ذكر رجال الحديث ، وهم خمسة :

                                                                                                                                                                                  الأول : محمد بن بشار بالباء الموحدة ، وتشديد الشين المعجمة .

                                                                                                                                                                                  الثاني : جعفر بن عون بفتح العين المهملة ، وسكون الواو ، وفي آخره نون أبو عون المخزومي القرشي .

                                                                                                                                                                                  الثالث : أبو العميس بضم العين المهملة ، وفتح الميم ، وسكون الياء آخر الحروف ، وفي آخره سين مهملة ، واسمه عتبة بن عبد الله بن مسعود ، وقد مر في زيادة الإيمان .

                                                                                                                                                                                  الرابع : عون بن أبي جحيفة .

                                                                                                                                                                                  الخامس : أبوه أبو جحيفة بضم الجيم ، وفتح الحاء المهملة ، وسكون الياء آخر الحروف ، وفتح الفاء ، واسمه وهب بن عبد الله السوائي .

                                                                                                                                                                                  ذكر لطائف إسناده :

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع . وفيه العنعنة في موضعين . وفيه أن محمد بن بشار بصري ، ويلقب ببندار ؛ لأنه كان بندارا في الحديث ، والبندار الحافظ ، وهو شيخ الجماعة ، والبقية كوفيون . وفيه أن هذا الحديث لم يروه إلا أبو العميس ، عن عون بن أبي جحيفة ، ولا لأبي العميس راو إلا جعفر بن عون ، وأنهما منفردان بذلك نبه عليه البزار ، وأخرج البخاري هذا الحديث أيضا في الأدب ، وأخرجه الترمذي أيضا عن محمد بن بشار في الزهد ، وقال : حديث حسن صحيح .

                                                                                                                                                                                  ذكر معناه :

                                                                                                                                                                                  قوله ( آخى النبي صلى الله عليه وسلم ) من المؤاخاة ، وهي اتخاذ الأخوة بين الاثنين يقال : واخاه مواخاة وإخاء وتآخيا على تفاعلا ، وتأخيت إخاء ، أي : اتخذت أخا . ذكر أهل السير والمغازي : أن المؤاخاة بين الصحابة وقعت مرتين : الأولى قبل الهجرة بين المهاجرين خاصة على المواساة والمناصرة ، وكان من ذلك أخوة زيد بن حارثة ، وحمزة بن عبد المطلب ، ثم آخى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار بعد أن هاجر ، وذلك بعد قدومه المدينة .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : روى الواقدي ، عن الزهري : أنه كان ينكر كل مؤاخاة وقعت بعد بدر ، ويقول : قطعت بدر المواريث ، وسلمان إنما أسلم بعد وقعة أحد ، وأول مشاهده الخندق .

                                                                                                                                                                                  قلت : الذي قاله الزهري إنما يريد به المؤاخاة المخصوصة التي كانت عقدت بينهم ليتوارثوا بها ، ومؤاخاة سلمان وأبي الدرداء إنما كانت على المؤاساة ، والمؤاخاة المخصوصة لا تدفع المؤاخاة من أصلها .

                                                                                                                                                                                  وروى ابن سعد من طريق حميد بن هلال قال : وآخى بين سلمان وأبي الدرداء ، فنزل سلمان الكوفة ، ونزل أبو الدرداء الشام .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فزار سلمان أبا الدرداء ) يعني في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجد أبا الدرداء غائبا ، فرأى أم الدرداء متبذلة بفتح التاء المثناة من فوق ، والباء الموحدة ، وتشديد الذال المعجمة المكسورة ، أي : لابسة ثياب البذلة بكسر الباء الموحدة ، وسكون الذال المعجمة ، وهي المهنة وزنا ومعنى ، والمراد أنها تاركة للبس ثياب الزينة ، وفي رواية الكشميهني : مبتذلة بتقديم الباء الموحدة ، والتخفيف من الابتذال من باب الافتعال ، ومعناهما واحد ، ووقع في ( الحلية ) لأبي نعيم بإسناد آخر إلى أم الدرداء ، عن أبي الدرداء : أن سلمان دخل عليه ، فرأى امرأته رثة الهيئة ، فذكر القصة مختصرة ، وأم الدرداء هذه اسمها خيرة بفتح الخاء المعجمة ، وسكون الياء آخر الحروف بنت أبي حدرد الأسلمية صحابية بنت صحابي ، وحديثها عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ( مسند أحمد ) وغيره ، وماتت قبل أبي الدرداء ، ولأبي الدرداء امرأة أخرى أيضا يقال لها أم الدرداء رضي الله تعالى عنها أيضا اسمها هجيمة تابعية عاشت بعده دهرا ، وروت عنه .

                                                                                                                                                                                  وقد مر الكلام فيه فيما مضى في الصلاة ، وغيرها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال لها ما شأنك ) ، وزاد الترمذي في روايته : يا أم الدرداء .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ليست له حاجة في الدنيا ) وفي رواية الدارقطني من وجه آخر ، عن محمد بن عون : في نساء الدنيا ، وزاد فيه ابن خزيمة ، عن يوسف بن موسى ، عن جعفر بن عون : يصوم النهار ، ويقوم الليل .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فجاء أبو الدرداء ) وفي رواية الترمذي : فرحب بسلمان ، وقرب إليه طعاما .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال : كل ، قال : فإني صائم ) كذا في رواية أبي ذر ، وفي رواية الترمذي : [ ص: 81 ] فقال : كل فإني صائم ، فعلى رواية أبي ذر القائل بقوله ( كل ) هو سلمان ، والمقول له هو أبو الدرداء ، وهو المجيب بأنه صائم ، وعلى رواية الترمذي القائل بقوله ( كل ) هو أبو الدرداء ، والمقول له سلمان .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال : ما أنا بآكل ) أي : قال سلمان : ما أنا بآكل من طعامك حتى تأكل ، والخطاب لأبي الدرداء .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فأكل ) أي : أبو الدرداء ، ويروى : فأكلا ، يعني سلمان وأبا الدرداء .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فلما كان الليل ) يعني أول الليل ذهب أبو الدرداء ( يقوم ) يعني للصلاة ، ومحل "يقوم" نصب على الحال .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقال نم ) أي : قال سلمان لأبي الدرداء : نم ، وفي رواية ابن سعد من وجه آخر مرسلا ، فقال له أبو الدرداء : أتمنعني أن أصوم لربي وأصلي لربي .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فلما كان من آخر الليل ) أراد عند السحر ، وكذا هو في رواية ابن خزيمة ، وعند الترمذي : فلما كان عند الصبح ، وفي رواية الدارقطني : فلما كان في وجه الصبح .

                                                                                                                                                                                  قوله ( قال سلمان قم الآن ) أي : قال سلمان لأبي الدرداء قم في هذا الوقت ، يعني وقت السحر .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فصليا ) فيه حذف تقديره : فقاما وصليا ، وفي رواية الطبراني : فقاما وتوضآ ، ثم ركعا ، ثم خرجا إلى الصلاة .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ولأهلك عليك حقا ) وزاد الترمذي ، وابن خزيمة : ولضيفك عليك حقا ، وزاد الدارقطني : فصم وأفطر ، وصل ونم ، وائت أهلك .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ) أي : فأتى أبو الدرداء النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك ، أي : ما ذكر من الأمور له ، أي : للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وفي رواية الترمذي : فأتيا بالتثنية ، وفي رواية الدارقطني : ثم خرجا إلى الصلاة ، فدنا أبو الدرداء ليخبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالذي قال له سلمان ، فقال له : يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقا ، مثل ما قال سلمان ، ففي هذه الرواية أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إليهما بأنه علم بطريق الوحي ما دار بينهما ، وليس ذلك في رواية البخاري ، عن محمد بن بشار ، ويمكن الجمع بينهما بأنه كاشفهما بذلك أولا ، ثم أطلعه أبو الدرداء على صورة الحال ، فقال له : صدق سلمان .

                                                                                                                                                                                  وروى هذا الحديث الطبراني من وجه آخر ، عن محمد بن سيرين مرسلا ، فعين الليلة التي بات سلمان فيها عند أبي الدرداء ، ولفظه قال : كان أبو الدرداء يحيى ليلة الجمعة ويصوم يومها ، فأتاه سلمان ، فذكر القصة مختصرة ، وزاد في آخرها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : عويمر سلمان أفقه منك انتهى . وعويمر تصغير عامر اسم لأبي الدرداء ، وفي رواية أبي نعيم في ( الحلية ) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد أوتي سلمان من العلم ، وفي رواية ابن سعد : لقد أشبع سلمان علما ، رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  ذكر ما يستفاد منه : فيه جواز الفطر من صوم التطوع لما ترجم له البخاري ، ثم القضاء هل يجب عليه أم لا ؟ قد ذكرناه مع الخلاف فيه ، وقد نقل ابن التين عن مذهب مالك : أنه لا يفطر لضيف نزل به ، ولا لمن حلف عليه بالطلاق ، والعتاق ، وكذا لو حلف هو بالله ليفطرن كفر ولا يفطر ، وسيأتي من حديث أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفطر لما زاره سليم ، وكان صائما تطوعا ، وقد صح عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يفطر من صوم التطوع ، وزاد بعضهم فيه : فأكل ، ثم قال : لكن أصوم يوما مكانه ، وفي ( المبسوط ) بعد الشروع في الصوم لا يباح له الإفطار بغير عذر عندنا ، فيكون بالإفطار جانيا ، فيلزمه القضاء ، ولا خلاف أنه يباح له الإفطار بعذر .

                                                                                                                                                                                  واختلفت الروايات في الضيافة ، فروى هشام عن محمد : أنه يبيح الفطر .

                                                                                                                                                                                  وروى الحسن ، عن أبي حنيفة : أنه لا يكون عذرا .

                                                                                                                                                                                  وروى ابن أبي مالك ، عن أبي يوسف ، عن أبي حنيفة : أنه عذر ، وهو الأظهر ، ويجب القضاء في الإفطار بعذر كان أو بغير عذر ، وكان الإفطار بصنعه أو بغير صنعه كالصائمة تطوعا إذا حاضت عليها القضاء في أصح الروايتين ، وفي ( الفتاوي ) : دعي إلى طعام وهو صائم في النفل إن صنع لأجله ، فلا بأس بأن يفطر ، وعن محمد : إن دخل على أخ له فدعاه أفطر ، وقيل : إن تأذى بامتناعه أفطر ، وعن الحسن : أنه لا يفطر إلا بعذر ، وفي ( المنتقى ) : له أن يفطر قيل : تأويله بعذر ، وقيل : قبل الزوال له أن يفطر ، وبعده لا يفطر ، وفي القضاء وصوم الفرض لا يفطر ، وعن محمد : لا بأس به .

                                                                                                                                                                                  وإن حلف غيره بطلاق امرأته أن يفطر - قال نصير ، وخلف بن أيوب : لا يفطر ، ودعه يحنث ، وعن محمد : لا بأس بأن يفطر ، وإن كان في قضاء ، وفي ( المحيط ) : إن حلف بطلاق امرأته يفطر في التطوع دون القضاء ، وهو قول أبي الليث ، وفي ( المرغيناني ) : الصحيح من المذهب أن صاحب الدعوة إذا كان رضي بمجرد حضوره لا يفطر ، وقال الحلواني : أحسن ما قيل فيه : إن كان يثق من نفسه بالقضاء يفطر ، وإلا فلا يفطر ، وإن كان فيه أذى لمسلم ، وفي ( المأمونية ) للحسن بن زياد : إذا دعي إلى وليمة فليجب ، ولا يفطر في [ ص: 82 ] التطوع ، فإن أقسم عليه أهل الوليمة فأفطر فلا بأس به ، وإن كان يتأذى يفطر ويقضي ، وبعد الزوال لا يفطر إلا إذا كان في تركه عقوق بالوالدين أو بأحدهما .

                                                                                                                                                                                  وفيه مشروعية المؤاخاة في الله . وفيه زيارة الإخوان والمبيت عندهم . وفيه جواز مخاطبة الأجنبية للحاجة . وفيه السؤال عما تترتب عليه المصلحة ، وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل . وفيه النصح للمسلم ، وتنبيه من كان غافلا . وفيه فضل قيام آخر الليل . وفيه مشروعية تزيين المرأة لزوجها . وفيه ثبوت حق المرأة على الزوج في حسن العشرة ، وقد يؤخذ منه ثبوت حقها في الوطء لقوله : ولأهلك عليك حقا . وفيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل ، وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب . وفيه أن الوعيد الوارد على من نهى مصليا عن الصلاة مخصوص بمن نهاه ظلما وعدوانا . وفيه كراهية الحمل على النفس في العبادة . وفيه النوم للتقوي على الصيام. وفيه النهي عن الغلو في الدين .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية