الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                6550 6551 ص: حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي ، قال: ثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال: ثنا حماد بن سلمة (ح).

                                                وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال: ثنا عفان ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد ، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن عمار بن ياسر ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " الفطرة عشرة. . . ." فذكر قص الشارب. .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان:

                                                الأول: عن محمد بن الحجاج الحضرمي ، عن خالد بن عبد الرحمن الخرساني شيخ يحيى بن معين ، عن حماد بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان المكفوف البصري ، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر المدني ، عن جده عمار بن ياسر - رضي الله عنه -.

                                                [ ص: 168 ] وأخرجه أبو داود: نا موسى بن إسماعيل وداود بن شبيب، قالا: ثنا حماد عن علي بن زيد ، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر -قال موسى: عن أبيه، وقال داود: عن عمار بن ياسر- أن رسول الله -عليه السلام- قال: "إن من الفطرة: المضمضة والاستنشاق. . . ." الحديث.

                                                الثاني: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن عفان بن مسلم ، عن حماد بن سلمة ... . إلى آخره.

                                                وأخرجه ابن ماجه: ثنا سهل بن أبي سهل ومحمد بن يحيى، قالا: ثنا أبو الوليد، ثنا حماد ، عن علي بن زيد ، عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر ، عن عمار بن ياسر أن رسول الله -عليه السلام- قال: "من الفطرة: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط والاستحداد وغسل البراجم والانتضاح والاختتان".

                                                فإن قيل: ما حكم هذا الحديث؟

                                                قلت: منقطع، قاله البخاري؛ لأن سلمة بن محمد لا يعرف له سماع من عمار، وقال غيره: لم ير جده عمار بن ياسر .

                                                ووقع في رواية أبي داود: عن موسى بن إسماعيل المنقري ، عن حماد ، عن علي بن زيد ، عن سلمة بن محمد ، عن أبيه.

                                                وقال أبو داود: حديث سلمة بن محمد عن أبيه مرسل؛ لأن أباه ليست له صحبة، وكذا قال ابن معين .

                                                وقال الذهبي: سلمة بن محمد صدوق في نفسه، روايته عن جده مرسلة، روى عنه علي بن زيد بن جدعان وحده. وقال ابن حبان: لا يحتج به.

                                                [ ص: 169 ] قوله: "الفطرة" أراد بها السنة، يعني أن هذه الخصال العشرة من خصال الأنبياء -عليه السلام- التي أمرنا أن نقتدي بهم فيها، ثم قوله: "الفطرة عشرة" لا يدل على الحصر، وكذا قوله في رواية أبي هريرة: "الفطرة خمس" لأن السنن كثيرة، من جملتها هذه العشرة، غاية ما في الباب أن هذه الخصال العشر التي هي الفطرة هي فطرة الأنبياء -عليه السلام- الذين أمرنا أن نقتدي بهم، لقوله تعالى: فبهداهم اقتده وأول من أمر بها إبراهيم -عليه السلام- وذلك قوله تعالى: وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات قال ابن عباس: أمره بعشر خصال ثم عدهن فلما فعلهن قال: إني جاعلك للناس إماما ليقتدى بك، وقد أمرت هذه الأمة بمتابعته خصوصا؛ لقوله تعالى: ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم

                                                ويقال أيضا: كانت عليه فرضا وهي لنا سنة.

                                                قوله: "فذكر قص الشارب" القص من قصصت الشعر قطعته، ومنه طير مقصوص الجناح، ويستحب في القص أن يبدأ بالجانب الأيمن، وهو مخير بين القص بنفسه، وبين أن يولي ذلك غيره؛ لحصول المقصود، بخلاف الإبط والعانة.

                                                وأما حد ما يقصه: فالمختار أن يقص حتى تبدو أطراف الشفة ولا يحفه من أصله، وأما روايات: "أحفوا الشوارب" فمعناه أحفوا ما طال على الشفتين.

                                                وذكر أصحابنا أنه يقطع إلى أن يبقى قدر حاجبه، وسيجيء مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى.




                                                الخدمات العلمية