الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيخ على حبه اثنتين طول الحياة وكثرة المال كذا في رواية أحمد ، وقال الشيخان قلب الشيخ شاب الحديث وهو الصواب .

                                                            التالي السابق


                                                            (الحديث السادس) وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشيخ على حبه اثنتين طول الحياة وكثرة المال كذا في رواية أحمد .

                                                            وقال الشيخان قلب الشيخ شاب الحديث وهو الصواب . (فيه) فوائد . (الأولى) أخرجه الشيخان من رواية يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة لفظ البخاري لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل ولفظ مسلم قلب الشيخ شاب على حب اثنتين طول الحياة وحب المال وأخرجه مسلم أيضا من رواية سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بلفظ قلب الشيخ شاب على حب اثنتين حب العيش والمال ، واتفق عليه الشيخان من رواية هشام الدستوائي عن قتادة

                                                            [ ص: 82 ] عن أنس بلفظ يكبر ابن آدم ويكبر معه اثنتان حب المال وطول العمر لفظ البخاري ، ولم يسق مسلم لفظه وأخرجه مسلم من رواية أبي عوانة عن قتادة عن أنس بلفظ يهرم ابن آدم وتشب منه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر . (الثانية) قوله في رواية أحمد الشيخ على حبه اثنتين أي كائن على حبه اثنتين والمراد استمراره على ذلك ودوامه عليه وأن حبه لهاتين الخصلتين لم ينقطع عنه بشيخوخته ، وقوله طول الحياة وكثرة المال يجوز فيهما الرفع على أنهما خبران لمبتدأ محذوف ويجوز فيهما النصب على أنهما بدل من قوله اثنتين ، وقد ظهر بذلك صحة الرواية فقول الشيخ رحمه الله إن الصواب لفظ الشيخين كأنه من جهة الرواية أو لأنه أظهر في المعنى وإن كان معنى الرواية الأخرى صحيحا ، وقوله في رواية البخاري لا يزال قلب الكبير أي في السن ، وقوله شابا

                                                            مجاز واستعارة ومعناه أن قلب الشيخ كامل الحب للمال محتكم في ذلك كاحتكام قوة الشاب في شبابه . قالالنووي هذا صوابه انتهى .

                                                            وقيل وصفه بكونه شابا لوجود هذين الأمرين فيه اللذين هما في الشباب أكثر وبهم أليق للرجاء في طول أعمارهم ودوام استمتاعهم ولذاتهم في الدنيا وحب الدنيا هو كثرة المال وطول الأمل هو طول الحياة المذكوران في الرواية الأخرى وكذا حب العيش المذكور في رواية مسلم هو طول الحياة ، وقوله في رواية البخاري من حديث أنس وتكبر معه اثنتان المراد كبرهما في المعنى وقوتهما وعدم ضعفهما فهو بمعنى قوله في رواية مسلم وتشب منه اثنتان وبذلك يندفع قول القائل كونهما تشبان مناف لكبرهما ؛ لأن المراد بكبرهما قوتهما وذلك موافق لشبابهما وليس المراد كبرا يؤدي إلى الهرم والضعف والله أعلم .

                                                            (الثالثة) فيه ذم طول الأمل والحرص على جمع المال وذلك يقتضي فضل الصدقة للغني والتعفف للفقير وهما المبوب عليهما .

                                                            (الرابعة) قال المازري فيه إشارة إلى أن الإرادة في القلب خلافا لمن رأى أن ذلك في غير الأعضاء




                                                            الخدمات العلمية