الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ حيلة في بر زوج وزوجته حلف كل منهما ]

المثال السابع والخمسون : ما سئل عنه أبو حنيفة رحمه الله عن امرأة قال لها زوجها : أنت طالق إذا سألتيني الخلع إن لم أخلعك ، وقالت المرأة : كل مملوك لي حر إن لم أسألك الخلع اليوم ; فجاء الزوج إلى أبي حنيفة فقال : أحضر المرأة ; فأحضرها ، فقال لها أبو حنيفة : سليه الخلع ، فقالت : سألتك أن تخلعني ، فقال له أبو حنيفة : قل لها قد خلعتك على ألف درهم تعطينيها ، فقال لها ذلك ، فقال لها قولي : لا أقبل ، فقالت : لا أقبل ، فقال : قومي مع زوجك فقد بر كل واحد منكما ولم يحنث في شيء ، ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الحيل له .

وإنما تتم هذه الحيلة على الوجه الذي ذكره ; فلو قالت له : " أسألك الخلع على ألف درهم حالة ، أو إلى شهر " فقال : " قد خلعتك على ذلك " وقع الخلع ; بخلاف ما إذا قالت له : " اخلعني " قال : " خلعتك على ألف " فإن هذا لا يكون خلعا حتى تقبل وترضى ، وهي لم ترض بالألف ; فلا يقع الخلع .

[ فإن قيل : فكيف إذا لم يقع الخلع ؟ ]

قيل : هو إنما حلف على فعله لا على قبولها ; فإذا قال : " قد خلعتك على ألف " فقد وجد الخلع من جهته ; فانحلت يمينه ، ولم يقف حل اليمين على قبولها ، كما إذا حلف لا يبيع ، فباع ، ولم يقبل المشتري ، ولا بينة له ; فإنه يحنث .

التالي السابق


الخدمات العلمية