الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأدلة:

        أدلة القول الأول:

        1- حديث عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: «جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر أفأصوم عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه، أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمك».

        وجه الدلالة: الحديث صريح في الدلالة على أن الميت يصام عنه; حيث أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- السائلة بالصوم عن أمها، وهو نص في القضية; حيث صرحت السائلة بأنه صوم نذر; فيجب أن يصار إليه.

        (301) 2- ما رواه أحمد قال: حدثنا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله -تبارك وتعالى- [ ص: 159 ] أنجاها أن تصوم شهرا، فأنجاها الله -عز وجل- فلم تصم حتى ماتت، فجاءت قرابة لها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: «صومي».

        3- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- في نذر على أمه توفيت قبل أن تقضيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «اقضه عنها».

        4- ما رواه البزار من طريق ابن لهيعة من حديث عائشة -رضي الله عنها-: «من مات وعليه صيام فليصم عنه وليه إن شاء».

        (302) 5- ما رواه ابن أبي شيبة من طريق علي بن الحكم البناني، عن [ ص: 160 ] ميمون، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- سئل عن رجل مات وعليه نذر، فقال: «يصام عنه النذر».

        6- أن النيابة تدخل العبادة بحسب خفتها، والنذر بلا شك أخف حكما من الصوم الواجب بأصل الشرع، حيث لم يجب بأصل الشرع; وإنما أوجبه الإنسان على نفسه؛ لذا فإن النيابة تجوز فيه لهذا الأمر.

        أدلة القول الثاني:

        1- تمسك أصحابه بعموم الأدلة الدالة على أن الإنسان لا ينفعه عمل غيره، والتي سبق ذكرها، كما استدلوا بالأحاديث السابقة التي فيها ذكر الإطعام دون الصيام.

        2- ما تقدم أن الصوم عبادة بدنية لا تدخلها النيابة كالصلاة.

        وقد تقدم مناقشة هذه الأدلة.

        دليل القول الثالث:

        استدلوا بما تقدم من حديث ابن عباس، وعائشة -رضي الله عنهما-: «أن من مات وعليه صيام صام عنه وليه» وهذا يشمل صيام النذر.

        ونوقش هذا الاستدلال: أن الأمر في هذه الأحاديث مصروف عن الوجوب إلى الاستحباب; لما تقدم من الأدلة على ذلك.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية