الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        باب فيمن اشترى ماشية بدنانير ، أو كانت له ماشية فباعها بدنانير . هل يزكي الثاني على حول الأول ؟ وفي تحويل الماشية في الماشية

                                                                                                                                                                                        اختلف فيمن كانت بيده دنانير فأقامت ستة أشهر ، ثم ابتاع بها نصاب غنم ، أو كان بيده نصاب غنم فزكاه ، ثم باعه بدنانير بعد ستة أشهر من يوم زكاها ، هل يستأنف بالمال الثاني حولا ، أو يزكي على الحول الأول ؟ فقال مالك فيمن كانت بيده دنانير ابتاع بها غنما : إنه يستأنف حولا من يوم اشترى الغنم . وإن كانت بيده غنم فزكاها ، ثم باعها بدنانير ، زكى الثمن من يوم زكى الغنم ، ولم يستأنف الحول من يوم باع الغنم .

                                                                                                                                                                                        وقال محمد بن مسلمة : إذا اشترى بالعين غنما زكى الغنم على حول العين ، ولم يستأنف الحول . وقال محمد بن عبد الحكم : إذا باع الغنم بعين استأنف الحول من يوم باع . قال : وذلك مثل الذي يشتري الغنم بدنانير [ ص: 1026 ] قد مضى لها ستة أشهر فلا يكون عليه أن يحتسب من حول الدنانير .

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا اشترى غنما بدنانير ، ثم باع الغنم قبل مجيء الساعي ، وقبل أن تجري فيها زكاة ، فقال مالك وابن القاسم في المدونة : يرجع في زكاته إلى زكاة العين ، فيزكي ثمنها من يوم أفاد الذهب الذي اشتريت به . وقال أيضا في غير المدونة : يزكي من يوم اشترى الغنم .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله- : بناء الحول في المالين على وجهين : فإن كان المالان مما يجمعان في الزكاة جمعهما في الحول . فمثال ذلك : الذهب والفضة وهما مما يجمعان في الزكاة . فإذا كان له عشرة دنانير ومائة درهم وجبت عليه الزكاة . وكذلك في بناء الحول ، إذا أقامت بيده ستة أشهر ثم باعها بمائتي درهم ، فأقامت بيده ستة أشهر ، وجبت عليه الزكاة .

                                                                                                                                                                                        وإذا كان المالان مما لا يجمعان في الزكاة ، كالعين والماشية ، فكذلك لا يجمعان في الحول . فلو كانت لرجل عشرة دنانير وعشرون شاة لم يجمعا في الزكاة ، فكذلك إذا أقامت الدنانير في يده ستة أشهر ، ثم ابتاع بها أربعين شاة ، لم يزكها إلا لحول من يوم الشراء ، ولم يبن على حول العين ، كما لا [ ص: 1027 ] يجمعان في النصاب ؛ لأن الأصل ألا يزكى مال إلا باجتماع وجهين : أن يكون نصابا ، ويقيم بيده حولا . فإن انخرم أحدهما لم تجب زكاة . وكذلك إذا أقامت الغنم في يديه ستة أشهر ، وهو تمام حول العين ، وأقام ثمن الغنم في يديه ستة أشهر ، وهو تمام حول الغنم ، لم تجب فيه زكاة .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية