الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
مسألة .

فإن قلت : هذه الآيات والأخبار يتطرق إليها تأويلات فبين لنا كيفية اختلاف الظاهر والباطن ؛ فإن الباطن إن كان مناقضا للظاهر ففيه إبطال الشرع ، وهو قول من قال : إن الحقيقة خلاف الشريعة ، وهو كفر لأن الشريعة عبارة عن الظاهر والحقيقة عبارة عن الباطن وإن كان لا يناقضه ولا يخالفه فهو هو فيزول به الانقسام ولا يكون للشرع سر لا يفشى بل يكون الخفي والجلي واحدا فاعلم أن هذا السؤال يحرك خطبا عظيما وينجر إلى علوم المكاشفة ويخرج عن مقصود علم المعاملة وهو غرض هذه الكتب ؛ فإن العقائد التي ذكرناها من أعمال القلوب وقد ، تعبدنا بتلقينها بالقبول والتصديق بعقد القلب عليها لا بأن يتوصل إلى أن ينكشف لنا حقائقها فإن ذلك لم يكلف به كافة الخلق ولولا أنه من الأعمال لما أوردناه في هذا الكتاب ، ولولا أنه عمل ظاهر القلب لا عمل باطنه لما أوردناه في الشطر الأول من الكتاب ، وإنما الكشف الحقيقي هو صفة سر القلب وباطنه .

التالي السابق


(مسألة) أخرى (فإن قلت: هذه الآيات) القرآنية (والأخبار) الواردة من طريق الثقات (تتطرق إليها تأويلات) تصرفها عن ظواهرها (فبين) لنا وأوضح (اختلاف كيفية الظاهر والباطن؛ فإن الباطن إن كان مناقضا للظاهر ففيه إبطال الشرع، وهو قول من قال: إن الحقيقة خلاف الشريعة، وهو كفر) وضلال؛ (فإن الشريعة عبارة عن الظاهر) أي: ظاهر الأحكام المتلقاة على لسان الشرع (والحقيقة عبارة عن الباطن) وهو العلم المستفاد من باطن هذه الأحكام (وإن كان لا يناقضه ولا يخالفه فهو هو) بعينه (فيزول به الانقسام) أي: انقسام العلوم إلى خفية وجلية .

(ولا يكون) على هذا (للشرع سر لا يفشى) ويؤمر بالكتمان (بل يكون الخفي والجلي) منه (واحدا) وقد أجاب عن هذا الإشكال بقوله: (فاعلم أن هذا السؤال يحرك خطبا عظيما) وأمرا جسيما (وينجر إلى علوم المكاشفة ويخرج عن مقصود علم المعاملة) الذي نحن بصدده (وهو غرض هذه الكتب؛ فإن العقائد التي ذكرناها) في هذا الكتاب (من أعمال القلوب، فقد تعبدنا) وألزمنا (بتلقيها بالقبول) والإذعان (والتصديق بعقد القلب عليها) وربطه عليها، أشار بذلك إلى معناها اللغوي (لا بأن يتوصل) بها (إلى أن تنكشف لنا حقائقها) كما هي هي (فإن ذلك لم يكلف به كافة الناس) وإلا وقعوا في حرج عظيم (ولولا أنه) أي: مجموع ما ذكر من العقائد (من الأعمال لما أوردناه في هذا الكتاب، ولولا أنه عمل ظاهر القلب لا باطنه لما أوردناه في الشطر الأول من الكتاب، وإنما الكشف الحقيقي) الذي هو معرفة الأشياء على ما هي عليها (هو صفة سر القلب) وباطنه .




الخدمات العلمية