الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              «حاط حاط » :

                                                                                                                                                                                                                              قال «ع » : هو اسمه في الزبور

                                                                                                                                                                                                                              «الحافظ » :

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه تعالى.
                                                                                                                                                                                                                              ومعناه في حقه تعالى: صيانة جميع الموجودات عن العدم وصيانة المضادات بعضها من بعض. قال الغزالي رحمه الله تعالى: والحافظ من العباد: من يحفظ جوارحه وقلبه ويحفظ دينه عن سطوة الغضب وصلابة الشهوة وخداع النفس وغرور الشيطان، وهو اسم فاعل من احفظ، وسمي به لأنه الحافظ للوحي والأمة، ولا يقدح في وصفه بالحفظ وقوع النسيان منه صلى الله عليه وسلم، كما

                                                                                                                                                                                                                              روى مسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع قراءة رجل في المسجد فقال: «رحمه الله تعالى لقد أذكرني آية كذا كنت نسيتها

                                                                                                                                                                                                                              لندرة ذلك منه، والحكم إنما هو للأغلب، ولهذا مزيد بيان يأتي في أبواب عصمته صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الحاكم » :

                                                                                                                                                                                                                              أخذه «د » من قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس

                                                                                                                                                                                                                              «الحامد » :

                                                                                                                                                                                                                              اسم فاعل من الحمد، وهو الثناء على الله تعالى بما هو أهله. قال «د » :

                                                                                                                                                                                                                              ذكره كعب. وذكر ابن إسحاق رحمه الله تعالى قال: رأت أمه صلى الله عليه وسلم في منامها قائلا يقول:

                                                                                                                                                                                                                              إنك حملت بخير البرية وسيد العالمين فإذا ولدته فسميه محمدا فإن اسمه في التوراة حامد وفي الإنجيل أحمد.

                                                                                                                                                                                                                              حامل لواء الحمد:

                                                                                                                                                                                                                              روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا حبيب الله ولا فخر، وأنا حامل لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر . [ ص: 446 ]

                                                                                                                                                                                                                              وسئل الشيخ رحمه الله تعالى عن لواء الحمد هل هو لواء حقيقي أو معنوي؟ فأجاب بأنه معنوي وهو الحمد، لأن حقيقة اللواء الراية ولا يمسكها إلا صاحب الجيش، فالمراد من الحديث أنه سيد الناس وإمامهم يوم القيامة. وأنه يشهر بالحمد إذ ذاك.

                                                                                                                                                                                                                              وقد ذكر ابن الأثير رحمه الله نظير هذا في الحديث: لكل غادر لواء » أي علامة يشهر بها في الناس لأن موضوع اللواء شهرة مكان الرئيس. ولهذا مزيد بيان في أبواب حشره صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الحامي » :

                                                                                                                                                                                                                              بالمهملة: المانع لأمته من العدى والحافظ لها من الردى. أو حامي البيت والحرم ومبعده من أيدي ذي الجرم. أو سمي بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يحمي لنفسه وإن لم يقع ذلك منه

                                                                                                                                                                                                                              «الحائد لأمته من النار » :

                                                                                                                                                                                                                              اسم فاعل من حاد يحيد، أي يميل أمته عن النار

                                                                                                                                                                                                                              «حبيب الله » :

                                                                                                                                                                                                                              هو فعيل من المحبة بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل. ورد ذكره في عدة أحاديث. قال القاضي: وأصلها الميل إلى ما يوافق المحب، ولكن هو في الحق من يصح منه الميل والانتفاع بالرفق وهي درجة المخلوق، فأما الخالق تعالى فمنزه عن الأعراض فمحبته لعبده تمكنه من سعادته وعصمته وتوفيقه وتهيئة أسباب القرب له، وإضافة رحمته عليه، وقصواها كشف الحجب عن قلبه حتى يراه بقلبه وينظر إليه ببصيرته ولسانه فيكون كما في الحديث. فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ولسانه الذي ينطق به .

                                                                                                                                                                                                                              وقال في الاصطفاء: وقد يقال كما في شرح المواقف إن محبتنا له تعالى كيفية روحانية مترتبة على تصور الكمال المطلق له تعالى على الاستمرار ومقتضية للتوجه التام إلى حضرة قدسه بلا فتور وقرار، ومحبتنا لغيره كيفية تترتب على تخيل كمال فيه من لذة أو شفقة أو مشاكلة كمحبة العاشق لمعشوقه والمنعم عليه للمنعم، والوالد للولد، ثم هي عندنا كالرضى والإرادة مع ترك الاعتراض كما مر، وقيل الإرادة فقط فيترتب على ذلك كما في «الإرشاد » أنه تعالى لا يتعلق به محبة على الحقيقة لأنها إرادة، والإرادة لا تتعلق إلا بمتجدد، وهو سبحانه لا أول له لأن المريد إنما يريد ما ليس بكائن أو إعدام ما يجوز عدمه وما ثبت قدمه واستحال عدمه لا تتعلق به إرادة. والفرق بينه وبين الخليل أن الخليل من امتحنه ثم أحبه والحبيب الذي أحبه بلا محنة. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                              واختلف في مقام المحبة والخلة أيهما أرفع؟ فقيل: هما سواء، فلا يكون الخليل إلا [ ص: 447 ] حبيبا ولا الحبيب إلا خليلا. وقيل: درجة المحبة أرفع. ونقله القاضي عن الأكثر، لأن درجة الحبيب نبينا صلى الله عليه وسلم أرفع من درجة الخليل صلى الله عليهما وسلم.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل إن درجة الخلة أرفع، لحديث:

                                                                                                                                                                                                                              لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا »

                                                                                                                                                                                                                              فلم يتخذه وقد أطلق المحبة لفاطمة وابنيها وأسامة وغيرهم. وسيأتي في الخليل أن المحققين على ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              وذكر أهل الإشارات في تفضيل المحبة كلاما حسنا فقالوا: الخليل اتصل بواسطة وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض والحبيب بدونها فكان قاب قوسين أو أدنى والخليل مغفرته في حد الطمع: والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين والحبيب مغفرته في حد اليقين: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر والخليل قال في المحنة «حسبي الله » والحبيب قيل له: يا أيها النبي حسبك الله والخليل قال: واجعل لي لسان صدق والحبيب قيل له ورفعنا لك ذكرك فأعطي بلا سؤال. والخليل قال واجنبني وبني أن نعبد الأصنام والحبيب قيل له: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وحاصل ما ذكره القاضي يقتضي تفضيل ذات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم على ذات سيدنا إبراهيم صلى الله عليه وسلم لا يقال باعتبار ثبوت وصف الخلة له فيلزم ذلك، لأنا نقول: كل منهما ثابت له وصف الخلة والمحبة، إذ لا يسلب عن إبراهيم وصف المحبة لا سيما والخلة أخص من المحبة، ولا يسلب عن نبينا صلى الله عليه وسلم وصف الخلة لا سيما وقد ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قوله تعالى له ليلة المعراج:

                                                                                                                                                                                                                              قد اتخذتك خليلا.

                                                                                                                                                                                                                              وقد قام الإجماع على فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء، بل هو أفضل خلق الله مطلقا.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله إن الخليل اتصل بالواسطة لا يفيد غرضا في هذا المقام الذي هو بصدده وليس المراد به قطعا إلا الوصول إلى المعرفة، إذ الوصول الحسي يمتنع على الله تعالى. وأما قوله:

                                                                                                                                                                                                                              والحبيب يصل إليه. فالوصول إلى الله تعالى لا يكون إلا به حبيبا كان أو خليلا وأما قوله:

                                                                                                                                                                                                                              «الخليل هو الذي يكون مغفرته في حد الطمع » إلى آخره فإنه لا يصلح أن يكون على وجه التفسير للخليل ولا تعلق له بمعناه. وقصارى ما ذكره يعطي تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم في حد ذاته من غير نظر إلى ما جعله علة معنوية في ذلك من وصف المحبة والخلة.

                                                                                                                                                                                                                              «حبيب الرحمن » :

                                                                                                                                                                                                                              ورد في حديث المعراج عن أبي هريرة رضي الله عنه. رواه البزار وغيره [ ص: 448 ]

                                                                                                                                                                                                                              «حبنطي» :

                                                                                                                                                                                                                              قال «ع » هو من أسمائه في الإنجيل وتفسيره: يفرق بين الحق والباطل

                                                                                                                                                                                                                              «الحجازي » :

                                                                                                                                                                                                                              نسبة إلى الحجاز وهو مكة واليمامة وقراهما وسمي حجازا لأنه حجز بين تهامة ونجد

                                                                                                                                                                                                                              «حجة الله على الخلائق » :

                                                                                                                                                                                                                              في الفردوس بلا إسناد: «وأنا حجة الله » وهو بمعنى البرهان

                                                                                                                                                                                                                              «الحجة البالغة » :

                                                                                                                                                                                                                              الحجة: الدلالة المبينة للمحجة أي القصد المستقيم. والبالغة:

                                                                                                                                                                                                                              الكاملة التي لا نقصان فيها

                                                                                                                                                                                                                              «حرز الأميين » :

                                                                                                                                                                                                                              أي حافظهم ومانعهم من السوء.

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري وغيره عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: «أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين

                                                                                                                                                                                                                              الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              والحرز: المنع والأميون: العرب أي يمنعهم من العذاب والذل.

                                                                                                                                                                                                                              فإن قيل: هو صلى الله عليه وسلم حرز للعرب ولغيرهم من الخلق، فلم خصهم بالذكر؟

                                                                                                                                                                                                                              أجيب: بأنه لما كان عليه الصلاة والسلام منهم قصد بتخصيصهم بالذكر التنصيص عليهم زيادة في الاعتناء بهم وبشأنهم وتنبيها لبني إسرائيل على عظم شأنهم ورفعتهم بهذا النبي صلى الله عليه وسلم الذي يخرج منهم وأن غيرهم كالتابع لهم

                                                                                                                                                                                                                              «الحرمي »:

                                                                                                                                                                                                                              نسبة إلى الحرم المكي وقد تقدم بيانه

                                                                                                                                                                                                                              «الحريص » :

                                                                                                                                                                                                                              فعيل بمعنى فاعل من الحرص وهو شدة الإرادة للمطلوب. قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              حريص عليكم أي على إيمانكم وهدايتكم

                                                                                                                                                                                                                              «الحريص على الإيمان » :

                                                                                                                                                                                                                              وقد تقدم معناه في الذي قبله

                                                                                                                                                                                                                              «حزب الله » :

                                                                                                                                                                                                                              الحزب: الطائفة من الناس. وقيل: جماعة فيها غلظ. وحزب الله: عبيده المتقون وأنصار دينه

                                                                                                                                                                                                                              «الحسيب » :

                                                                                                                                                                                                                              فعيل: بمعنى مفعل من أحسبني الشيء: إذا كفاني. ومنه عطاء حسابا أو الشريف الكريم من الحسب محركا وهو ما يعد من مفاخر الآباء أو الدين أو الكرم، أو الشرف في الفعل أو الآباء والحسب كالكرم قد يكون لمن لا آباء له شرفاء، والشرف كالمجد لا يكون إلا بهم، يقال حسب حسابة كخطب خطابة وحسبا محركا فهو حسيب من حسباء. [ ص: 449 ]

                                                                                                                                                                                                                              وهو بمعنى المحاسب أو المكافي من أسمائه تعالى. قال الغزالي رحمه الله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              وليس للعبد مدخل في هذا الوصف إلا بنوع من المجاز بأن يكون كافيا لطفله بتعهده أو لتلميذه بتعليمه حتى لا يفتقر إلى غيره. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                              وهذا المعنى صحيح في حقه صلى الله عليه وسلم لأنه كاف لأمته جميع ما تحتاج إليه من أمور الدنيا والآخرة بحيث لا يحتاجون إلى غيره صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              «الحفيظ » :

                                                                                                                                                                                                                              فعيل من الحفظ وهو صون الشيء عن الزوال فإن كان في الذهن فضده النسيان، أو في الخارج فضده التضييع.

                                                                                                                                                                                                                              وهو من أسمائه تعالى، وكلا المعنيين يصح إطلاقه عليه تعالى، لأن الأشياء محفوظة في علمه لا يطرأ عليه نسيان ويحفظ الموجودات من الزوال. وقيل: معناه الذي يحفظ سرك من الأغيار ويصون ظاهرك عن مرافقة الفجار.

                                                                                                                                                                                                                              وأما قوله تعالى: وما أنا عليكم بحفيظ فمعناه: لست أحفظ أعمالكم وأجازيكم عليها. وقوله تعالى: فما أرسلناك عليهم حفيظا أي لتحفظهم حتى لا يقعوا في الكفر والمعاصي أو لتحصي مساوئهم وذنوبهم فتحاسبهم عليها.

                                                                                                                                                                                                                              وقد ذكر أن هذه الآية منسوخة بآية القتال فهو صلى الله عليه وسلم بعد الأمر به حفيظ بالمعنى الأول بمعنى أن يردهم عنه ويقاتلهم عليه. وبالمعنى الثاني لأنه يشهد عليهم يوم القيامة وهو أبلغ من الحافظ

                                                                                                                                                                                                                              «الحفي » :

                                                                                                                                                                                                                              البر اللطيف. يقال: حفيت بفلان وتحفيت به إذا اعتنيت بكرامته

                                                                                                                                                                                                                              «الحق » :

                                                                                                                                                                                                                              الثابت، وأصله المطابقة للواقع أو المحق أو المظهر للحق قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              جاءكم الحق من ربكم حتى جاءهم الحق ورسول مبين فقد كذبوا بالحق لما جاءهم على أحد القولين أن الحق هنا هو النبي صلى الله عليه وسلم وقيل هو القرآن قال تعالى:

                                                                                                                                                                                                                              وشهدوا أن الرسول حق وفي حديث الشفاعة ومحمد حق » وهو الثابت وهذا الاسم من أسمائه تعالى ومعناه الموجود المتحقق أمره وألوهيته، أو الموجد للشيء حسب ما تقتضيه حكمته تعالى، وفي حقه صلى الله عليه وسلم المتحقق صدقه ونبوته

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية