الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ظهور كوكب كبير في السماء له ذؤابة]

وفي العشر الأول من جمادى الأولى: ظهر في السماء كوكب كبير له في المشرق ذؤابة عرضها نحو ثلاثة أذرع ، وطولها أذرع كثيرة ، إلى حد المجرة من وسط السماء مادة إلى المغرب ، ولبث إلى ليلة الأحد لست بقين من هذا الشهر ، وغاب ثم ظهر في ليلة الثلاثاء عند غروب الشمس ، قد استدار نوره عليه كالقمر ، فارتاع الناس وانزعجوا ، ولما أعتم الليل رمى ذؤابة نحو الجنوب وبقي عشرة أيام حتى اضمحل .

ووردت كتب التجار من بعد بأن ستة وعشرين مركبا خطفت من سواحل البحر طالبة لعمان ، فغرقت في الليلة الأخيرة من طلوع هذا الكوكب ، وهلك فيها نحو من ثمانية عشر ألف إنسان وجميع المتاع الذي حوته ، وكان من جملته عشرة آلاف طبلة كافور .

وفي جمادى الآخرة: كانت زلزلة بخراسان لبثت أياما فصدعت منها الجبال ، [ ص: 96 ] وأهلكت جماعة ، وخسفت بعدة قرى ، وخرج الناس إلى الصحراء وأقاموا هناك .

وفي يوم الأحد تاسع جمادى [الآخرة]: خلع على فخر الدولة أبي نصر بن جهير بعد أن شافهه بما طاب قلبه ورفع من مرتبته .

وفي هذا اليوم: عند مغيب الشمس وقع حريق بنهر معلى في دكان خباز ، فاحترق من باب الجديد إلى آخر السوق الجديد في الجانبين ، وتلف من المال والعقار ما لا يحصى ، ونهب الناس بعضهم بعضا ، وكان الذي احترق مائة دكان وثلاثة دور .

وفي شعبان: وقع قتال في دمشق فضربوا دارا كان مجاورا للجامع بالنار ، فاحترق جامع دمشق .

وفي شعبان: ذكر رجل من أهل سوق يحيى يقال له: أخو جمادى ، وكانت يده اليسرى قد خبثت وأشرف على قطعها أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه كأنه يصلي في مسجد بدرب داود ، فدنا منه وأراه يده ، وسأله العافية ، فأمر يده عليها فأصبح معافى ، وانثال الناس لمشاهدته ، وكان يغمس يده في الماء فيقتسمونه ، وستأتي قصته مستوفاة في السنة التي مات فيها إن شاء الله تعالى .

ورخصت الأسعار في هذه السنة رخصا متفاحشا حتى صار الكر الجيد من الحنطة بعشرة دنانير .

وفي ليلة الأحد لأربع بقين من شعبان: انقض كوكبان كان لأحدهما ضوء كضوء القمر ، وتبعهما في نحو ساعة بضعة عشر كوكبا صغارا إلى [نحو] المغرب .

وفي رمضان: نقص الماء من دجلة فاستوعبه القاطول ، وتعلق نهر الدجيل عليه ، فهلكت الثمار ، وزادت الأسعار ، وامتنعت السفن من عكبرا وأوانا من الانحدار ، فكان أقوام يعبرون إلى أوانا بمداساتهم على الآجر ، وغارت المياه في الآبار ببغداد .

وفي هذا الشهر: كسي جامع المنصور ، وفرش بالبواري ، فدخل فيه أربع [ ص: 97 ] وعشرون ألف ذراع بواري ، وثلاثمائة منا خيوطا ، وأخذ الصناع الخياطين لها أجرتهم عشرين دينارا .

وفي شوال: أنفذ خادم خاص إلى السلطان للتهنئة بسلامته في غزوته ، وإقامة تشريفات عليه ، وأضيف إلى الخادم أبو محمد التميمي ، ورسم لهما الخطاب فيما يستعمله النظام مع حواشي الدار من التعرض لما في أيديهم ، والخطاب على التقدم إلى السيدة أرسلان خاتون بالمسير إلى دار الخلافة ، فقد طالت غيبتها ، وأخرج الوزير أبو نصر حاجبا له مع الجماعة بقود وتحف .

التالي السابق


الخدمات العلمية