الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( إن للمتقين مفازا ( 31 ) حدائق وأعنابا ( 32 ) وكواعب أترابا ( 33 ) وكأسا دهاقا ( 34 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا ( 35 ) جزاء من ربك عطاء حسابا ( 36 ) )

يقول تعالى مخبرا عن السعداء وما أعد لهم تعالى من الكرامة والنعيم المقيم ، فقال : ( إن للمتقين مفازا ) قال ابن عباس والضحاك : متنزها . وقال مجاهد ، وقتادة : فازوا ، فنجوا من النار . الأظهر هاهنا قول ابن عباس ; لأنه قال بعده : ( حدائق ) وهي البساتين من النخيل وغيرها ( وأعنابا وكواعب أترابا ) أي : وحورا كواعب . قال ابن عباس ومجاهد ، وغير واحد : ( كواعب ) أي : نواهد ، يعنون أن ثديهن نواهد لم يتدلين لأنهن أبكار عرب أتراب ، أي : في سن واحدة ، كما تقدم بيانه في سورة " الواقعة " .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي ، عن أبي سفيان عبد الرحمن بن عبد رب بن تيم اليشكري ، حدثنا عطية بن سليمان أبو الغيث ، عن أبي عبد الرحمن القاسم بن أبي القاسم الدمشقي ، عن أبي أمامة : أنه سمعه يحدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " إن قمص أهل الجنة لتبدو من رضوان الله ، وإن السحابة لتمر بهم فتناديهم : يا أهل الجنة ، ماذا تريدون أن أمطركم ؟ حتى إنها لتمطرهم الكواعب الأتراب "

وقوله : ( وكأسا دهاقا ) قال ابن عباس : مملوءة متتابعة . وقال عكرمة : صافية . وقال مجاهد ، والحسن وقتادة ، وابن زيد : ( دهاقا ) الملأى المترعة . وقال مجاهد وسعيد بن جبير : هي المتتابعة .

وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا كذابا ) كقوله : ( لا لغو فيها ولا تأثيم ) [ الطور : 23 ] أي : ليس فيها كلام لاغ عار عن الفائدة ، ولا إثم كذب ، بل هي دار السلام ، وكل ما فيها سالم من النقص .

[ ص: 309 ]

وقوله : ( جزاء من ربك عطاء حسابا ) أي : هذا الذي ذكرناه جازاهم الله به وأعطاهموه ، بفضله ومنه وإحسانه ورحمته ; ( عطاء حسابا ) أي : كافيا وافرا شاملا كثيرا ; تقول العرب : " أعطاني فأحسبني " أي : كفاني . ومنه " حسبي الله " ، أي : الله كافي .

التالي السابق


الخدمات العلمية