الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ( 63 ) )

يقول تعالى ذكره : ما الأمر كما يحسب هؤلاء المشركون ، من أن إمدادناهم بما نمدهم به من مال وبنين ، بخير نسوقه بذلك إليهم والرضا منا عنهم ، ولكن قلوبهم في غمرة عمى عن هذا القرآن . وعنى بالغمرة : ما غمر قلوبهم فغطاها عن فهم ما أودع الله كتابه من المواعظ والعبر والحجج . وعنى بقوله : ( من هذا ) من القرآن .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : [ ص: 49 ] ( في غمرة من هذا ) قال : في عمى من هذا القرآن .

حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله : ( في غمرة من هذا ) قال : من القرآن .

وقوله : ( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ) يقول تعالى ذكره : ولهؤلاء الكفار أعمال لا يرضاها الله من المعاصي . ( من دون ذلك ) يقول : من دون أعمال أهل الإيمان بالله ، وأهل التقوى والخشية له .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : ثنا حكام ، عن عنبسة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد : ( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ) قال : الخطايا .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : ثنا أبو عاصم ، قال : ثنا عيسى ; وحدثني الحارث ، قال : ثنا الحسن ، قال : ثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ( ولهم أعمال من دون ذلك ) قال : الحق .

حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : ( ولهم أعمال من دون ذلك ) قال : خطايا من دون ذلك الحق .

قال ثنا حجاج ، عن أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، في قوله : ( ولهم أعمال من دون ذلك ) . . الآية ، قال : أعمال دون الحق .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : ثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : ذكر الله الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ثم قال للكفار : ( بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ) قال : من دون الأعمال التي منها قوله : ( من خشية ربهم مشفقون ) والذين ، والذين .

حدثني القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثنا عيسى بن يونس ، عن العلاء بن عبد الكريم ، عن مجاهد ، قال : أعمال لا بد لهم من أن يعملوها .

حدثنا علي بن سهل ، قال : ثنا زيد بن أبي الزرقاء ، عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، قال : سألت الحسن عن قول الله : ( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ) قال : أعمال لم يعملوها سيعملونها .

[ ص: 50 ] حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : ( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ) قال : لم يكن له بد من أن يستوفي بقية عمله ، ويصلي به .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن العلاء بن عبد الكريم ، عن مجاهد ، في قوله : ( ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ) قال : أعمال لا بد لهم من أن يعملوها .

حدثنا عمرو ، قال : ثنا مروان بن معاوية ، عن العلاء بن عبد الكريم ، عن مجاهد ، في قول الله تبارك وتعالى : ( ولهم أعمال من دون ذلك ) قال : أعمال لا بد لهم من أن يعملوها .

التالي السابق


الخدمات العلمية