الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم وقال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد قال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده وقال nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة قال أبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم لاها الله إذا يقال والله وبالله وتالله
6253 حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة عن nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال nindex.php?page=hadith&LINKID=656138كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=treesubj&link=30454_16369لا ومقلب القلوب
" 9876 [ ص: 532 ] [ ص: 533 ] [ ص: 534 ] قوله باب nindex.php?page=treesubj&link=16343كيف كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - أي التي كان يواظب على القسم بها أو يكثر وجملة ما ذكر في الباب أربعة ألفاظ أحدها والذي نفسي بيده وكذا نفس محمد بيده فبعضها مصدر بلفظ لا وبعضها بلفظ أما وبعضها بلفظ ايم ثانيها لا ومقلب القلوب ثالثها والله رابعها ورب الكعبة وأما قوله " لاها الله إذا " فيؤخذ منه مشروعيته من تقريره لا من لفظه والأول أكثرها ورودا وفي سياق الثاني إشعار بكثرته أيضا وقد وقع في حديث رفاعة بن عرابة عند ابن ماجه nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا حلف قال والذي نفسي بيده " nindex.php?page=showalam&ids=12508ولابن أبي شيبة من طريق عاصم بن شميخ عن أبي سعيد " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتهد في اليمين قال لا والذي نفس أبي القاسم بيده " nindex.php?page=showalam&ids=13478ولابن ماجه من وجه آخر في هذا الحديث " nindex.php?page=hadith&LINKID=856240كانت يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي يحلف بها أشهد عند الله والذي نفسي بيده " ودل ما سوى الثالث من الأربعة على أن النهي عن nindex.php?page=treesubj&link=16377الحلف بغير الله لا يراد به اختصاص لفظ الجلالة بذلك بل يتناول كل اسم وصفة تختص به سبحانه وتعالى وقد جزم nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم وهو ظاهر كلام المالكية والحنفية بأن جميع nindex.php?page=treesubj&link=16362_16363الأسماء الواردة في القرآن والسنة الصحيحة وكذا الصفات صريح في اليمين تنعقد به وتجب لمخالفته الكفارة وهو وجه غريب عند الشافعية وعندهم وجه أغرب منه أنه ليس في شيء من ذلك صريح إلا لفظ الجلالة وأحاديث الباب ترده والمشهور عندهم وعند الحنابلة أنها ثلاثة أقسام : أحدها nindex.php?page=treesubj&link=16365ما يختص به كالرحمن ورب العالمين وخالق الخلق فهو صريح تنعقد به اليمين سواء قصد الله أو أطلق . ثانيها nindex.php?page=treesubj&link=16367_16368ما يطلق عليه وقد يقال لغيره لكن بقيد كالرب والحق فتنعقد به اليمين إلا إن قصد به غير الله ثالثها nindex.php?page=treesubj&link=16367_16368ما يطلق على السواء كالحي والموجود والمؤمن فإن نوى غير الله أو أطلق فليس بيمين وإن نوى به الله انعقد على الصحيح وإذا تقرر هذا فمثل " والذي نفسي بيده " ينصرف عند الإطلاق لله جزما فإن نوى به غيره كملك الموت مثلا لم يخرج عن الصراحة على الصحيح وفيه وجه عن بعض الشافعية وغيرهم ويلتحق به " والذي فلق الحبة ومقلب القلوب " وأما مثل " والذي أعبده أو أسجد له أو أصلي له " فصريح جزما وجملة الأحاديث المذكورة في هذا الباب عشرون حديثا
الحديث الأول قوله وقال nindex.php?page=showalam&ids=37سعد هو ابن أبي وقاص وقد مضى الحديث المشار إليه في مناقب عمر في حديث أوله " استأذن عمر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده نسوة " الحديث وفيه nindex.php?page=hadith&LINKID=856241إيها يا ابن الخطاب والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك وقد مضى شرحه مستوفى هناك
الحديث الثاني : قوله وقال أبو قتادة قال أبو بكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - لاها الله إذا وهو طرف من حديث موصول في غزوة حنين وقد بسطت الكلام على هذه الكلمة هناك [ ص: 535 ] قوله يقال والله وبالله وتالله يعني أن هذه الثلاثة nindex.php?page=treesubj&link=16387حروف القسم ، ففي القرآن القسم بالواو وبالموحدة في عدة أشياء وبالمثناة في قوله nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91تالله لقد آثرك الله علينا و nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57تالله لأكيدن أصنامكم وغير ذلك وهذا قول الجمهور وهو المشهور عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ونقل قول عن nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن القسم بالمثناة ليس صريحا ; لأن أكثر الناس لا يعرفون معناها والأيمان مختصة بالعرف وتأول ذلك أصحابه وأجابوا عنه بأجوبة نعم تفترق الثلاثة بأن الأولين يدخلان على اسم الله وغيره من أسمائه ولا تدخل المثناة إلا على الله وحده وكأن المصنف أشار بإيراد هذا الكلام هنا عقب حديث nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة إلى أن أصل " لاها الله لا والله " فالهاء عوض عن الواو وقد صرح بذلك جمع من أهل اللغة وقيل الهاء نفسها أيضا حرف قسم بالأصالة ونقل nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي أن أصل أحرف القسم الواو ثم الموحدة ثم المثناة ونقل ابن الصباغ عن أهل اللغة أن الموحدة هي الأصل وأن الواو بدل منها وأن المثناة بدل من الواو وقواه ابن الرفعة واستدل بأن الباء تعمل في الضمير بخلاف الواو
9877 الحديث الثالث قوله حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=14906محمد بن يوسف هو الفريابي nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان هو الثوري وقد أخرج nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن محمد بن يوسف وهو البيكندي عن nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان وهو ابن عيينة وليس هو المراد هنا وقد أخرج أبو نعيم في المستخرج هذا الحديث من طريق محمد بن يوسف الفريابي حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان وهو الثوري وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي من رواية محمد بن بشر كلاهما عن nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري أيضا
قوله كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم - ) زاد nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي من رواية nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع " التي يحلف عليها " وفي أخرى له " يحلف بها "
قوله لا ومقلب القلوب تقدم في أواخر كتاب القدر من رواية ابن المبارك عن nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة بلفظ " كثيرا ما كان " ويأتي في التوحيد من طريقه بلفظ " أكثر ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحلف " فذكره
وأخرجه ابن ماجه من وجه آخر عن الزهري بلفظ كان أكثر أيمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " لا ومصرف القلوب " وقوله : لا " نفي للكلام السابق " ومقلب القلوب " هو المقسم به والمراد بتقليب القلوب تقليب أعراضها وأحوالها لا تقليب ذات القلب وفي الحديث دلالة على أن أعمال القلب من الإرادات والدواعي وسائر الأعراض بخلق الله - تعالى - ، وفيه جواز nindex.php?page=treesubj&link=29443تسمية الله - تعالى - بما ثبت من صفاته على الوجه الذي يليق به . وفي هذا الحديث حجة لمن أوجب الكفارة على من nindex.php?page=treesubj&link=16374حلف بصفة من صفات الله فحنث ولا نزاع في أصل ذلك وإنما الخلاف في أي صفة تنعقد بها اليمين والتحقيق أنها مختصة بالتي لا يشاركه فيها غيره كمقلب القلوب قال nindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي : في الحديث جواز nindex.php?page=treesubj&link=16374الحلف بأفعال الله إذا وصف بها ولم يذكر اسمه ، قال وفرق الحنفية بين القدرة والعلم فقالوا إن nindex.php?page=treesubj&link=16374حلف بقدرة الله انعقدت يمينه وإن nindex.php?page=treesubj&link=16375_16374حلف بعلم الله لم تنعقد ; لأن العلم يعبر به عن المعلوم كقوله - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=148قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا . والجواب أنه هنا مجاز إن سلم أن المراد به المعلوم والكلام إنما هو في الحقيقة قال الراغب : nindex.php?page=treesubj&link=30454_30481تقليب الله القلوب والأبصار صرفها عن رأي إلى رأي والتقلب التصرف قال - تعالى - nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46أو يأخذهم في تقلبهم قال وسمي قلب الإنسان لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي يختص بها من الروح والعلم والشجاعة ومن قوله nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10وبلغت القلوب الحناجر أي الأرواح وقوله لمن كان له قلب أي علم وفهم وقوله ولتطمئن به قلوبكم أي تثبت به شجاعتكم وقالnindex.php?page=showalam&ids=12815القاضي أبو بكر بن العربي : القلب جزء من البدن خلقه الله وجعله للإنسان محل العلم والكلام وغير ذلك من الصفات الباطنة وجعل ظاهر البدن محل التصرفات الفعلية والقولية ووكل بها ملكا يأمر بالخير وشيطانا يأمر بالشر [ ص: 536 ] فالعقل بنوره يهديه والهوى بظلمته يغويه والقضاء والقدر مسيطر على الكل والقلب ينقلب بين الخواطر الحسنة والسيئة واللمة من الملك تارة ومن الشيطان أخرى والمحفوظ من حفظه الله - تعالى -