الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4169 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلموا أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده فقال بعضهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله فاختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده ومنهم من يقول غير ذلك فلما أكثروا اللغو والاختلاف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا قال عبيد الله فكان يقول ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فاختلف أهل البيت ) أي من كان في البيت من الصحابة ولم يرد أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 742 ] قوله فيها ( فقال : قوموا ) زاد ابن سعد من وجه آخر " فقال : قوموا عني " .

                                                                                                                                                                                                        الحديث السادس .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثنا يسرة بفتح التحتانية والمهملة ، ووالد إبراهيم بن سعد هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشيء وفي أول هذا الحديث من رواية مسروق عن عائشة كما مضت في علامات النبوة أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : مرحبا ببنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها ، ولأبي داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من طريق عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت : ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها وقعودها من فاطمة وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك ، فلما مرض دخلت عليه فأكبت عليه تقبله . واتفقت الروايتان على أن الذي سارها به أولا فبكت هو إعلامه إياها بأنه ميت من مرضه ذلك ، واختلفا فيما سارها به ثانيا فضحكت ففي رواية عروة أنه إخباره إياها بأنها أول أهله لحوقا به .

                                                                                                                                                                                                        وفي رواية مسروق أنه إخباره إياها بأنها سيدة نساء أهل الجنة ، وجعل كونها أول أهله لحوقا به مضموما إلى الأول وهو الراجح ، فإن حديث مسروق يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة وهو من الثقات الضابطين فما زاده مسروق قول عائشة فقلت : ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عن ذلك فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت : أسر إلي أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلى وأنك أول أهل بيتي لحوقا بي . وقولها : كأن مشيتها هو بكسر الميم لأن المراد الهيئة وقولها : ما رأيت كاليوم فرحا تقدم توجيهه في الكسوف وأن التقدير ما رأيت كفرح اليوم فرحا أو ما رأيت فرحا كفرح رأيته اليوم ، وقولها : حتى توفي متعلق بمحذوف تقديره فلم تقل لي شيئا حتى توفي . وقد طوى عروة هذا كله فقال في روايته بعد قوله : فضحكت : فسألناها عن ذلك فقالت : سارني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه . الحديث ، وفي رواية عائشة بنت طلحة من الزيادة أن عائشة لما رأت بكاءها وضحكها قالت : إن كنت لأظن أن هذه المرأة أعقل النساء فإذا هي من النساء . ويحتمل تعدد القصة ويؤيده الجزم في رواية عروة بأنه ميت من وجعه ذلك بخلاف رواية مسروق ففيها أنه ظن ذلك بطريق الاستنباط مما ذكره من معارضة القرآن ، وقد يقال : لا منافاة بين الخبرين إلا بالزيادة ولا يمتنع أن يكون إخباره بأنها أول أهله لحوقا به سببا لبكائها أو ضحكها معا باعتبارين فذكر كل من الراويين ما لم يذكره الآخر ، وقد روى النسائي من طريق أبي سلمة عن عائشة في سبب البكاء أنه ميت وفي سبب الضحك الأمرين الآخرين . ولابن سعد من رواية أبي سلمة عنها أن سبب البكاء موته وسبب الضحك أنها سيدة النساء . وفي رواية عائشة بنت طلحة عنها أن سبب البكاء موته وسبب الضحك لحاقها به . وعند الطبري من وجه آخر عن عائشة أنه قال لفاطمة : إن جبريل [ ص: 743 ] أخبرني أنه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم ذرية منك فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبرا . وفي الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما قال ، فإنهم اتفقوا على أن فاطمة عليها السلام كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية