الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2106 حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن سهيل بن أبي صالح عن سعيد بن يسار أبي الحباب مولى بني النجار عن زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل قال فأتيت عائشة فقلت إن هذا يخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا تماثيل فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ذلك فقالت لا ولكن سأحدثكم ما رأيته فعل رأيته خرج في غزاته فأخذت نمطا فسترته على الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه حتى هتكه أو قطعه وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين قالت فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك علي

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله عن عائشة رضي الله عنها قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاته ، فأخذت نمطا ، فسترته على الباب ، فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه ، فجذبه حتى هتكه أو قطعه ، وقال : إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين قالت : فقطعنا منه وسادتين ، وحشوتهما ليفا ، فلم يعب ذلك علي . المراد بالنمط هنا بساط لطيف له خمل ، وقد سبق بيانه قريبا في باب اتخاذ الأنماط .

                                                                                                                وقولها : ( هتكه ) ، هو بمعنى قطعه ، وأتلف الصورة التي فيه ، وقد صرحت في الروايات المذكورات بعد هذه بأن هذا النمط كان فيه صور الخيل ذوات الأجنحة ، وأنه كان فيه صورة ، فيستدل به لتغيير المنكر باليد ، وهتك الصور المحرمة ، والغضب عند رؤية المنكر ، وأنه يجوز اتخاذ الوسائد . والله أعلم .

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم حين جذب النمط وأزاله : ( إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين ) فاستدلوا به على أنه يمنع من ستر الحيطان وتنجيد البيوت بالثياب ، وهو منع كراهة تنزيه لا تحريم ، هذا هو الصحيح . وقال الشيخ أبو الفتح نصر المقدسي من أصحابنا : هو حرام ، وليس في هذا الحديث ما يقتضي تحريمه ؛ لأن حقيقة اللفظ أن الله تعالى لم يأمرنا بذلك ، وهذا يقتضي أنه ليس بواجب ، ولا مندوب ، ولا يقتضي التحريم . والله أعلم .

                                                                                                                [ ص: 272 ]



                                                                                                                الخدمات العلمية