الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3482 حدثنا أبو كريب حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر عن عبد الله بن عمرو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع ومن نفس لا تشبع ومن علم لا ينفع أعوذ بك من هؤلاء الأربع وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وابن مسعود قال أبو عيسى وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث عبد الله بن عمرو

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن عبد الله بن الحارث ) الزبيدي بضم الزاي النجراني بنون وجيم الكوفي المعروف بالمكتب ، ثقة من الثالثة ( عن زهير بن الأقمر ) كنيته أبو كثير الزبيدي بالتصغير الكوفي مقبول من الثالثة . قوله : ( اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ) أي لا يسكن ولا يطمئن بذكر الله ( ومن [ ص: 319 ] دعاء لا يسمع ) بصيغة المجهول أي لا يستجاب ( ومن نفس لا تشبع ) أي بما آتاها الله ولا تقنع بما رزقها ولا تفتر عن جمع المال لما فيها من شدة الحرص أو من نفس تأكل كثيرا . قال ابن الملك : أي حريصة على جمع المال وتحصيل المناصب ( ومن علم لا ينفع ) أي علم لا أعمل به ولا أعلم الناس ولا يهذب الأخلاق والأقوال والأفعال ، أو علم لا يحتاج إليه أو لم يرد في تعلمه إذن شرعي . قال الطيبي : اعلم أن في كل من القرائن الأربع ما يشعر بأن وجوده مبني على غايته وأن الغرض منه تلك الغاية وذلك أن تحصيل العلوم إنما هو للانتفاع بها فإذا لم ينتفع به لم يخلص منه كفافا بل يكون وبالا ولذلك استعاذ ، وأن القلب إنما خلق لأن يتخشع لبارئه وينشرح لذلك الصدر ويقذف النور فيه فإذا لم يكن كذلك كان قاسيا فيجب أن يستعاذ منه قال تعالى : فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله وأن النفس يعتد بها إذا تجافت عن دار الغرور وأنابت إلى دار الخلود . وهي إذا كانت منهومة لا تشبع حريصة على الدنيا كانت أعدى عدو المرء فأولى الشيء الذي يستعاذ منه هي أي النفس ، وعدم استجابة الدعاء دليل على أن الداعي لم ينتفع بعلمه وعمله ولم يخشع قلبه ولم تشبع نفسه انتهى . قوله : ( وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وابن مسعود ) أما حديث جابر فأخرجه ابن حبان عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " اللهم إني أسألك علما نافعا وأعوذ بك من علم لا ينفع " ، وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم ، وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الحاكم في مستدركه وابن أبي شيبة في مصنفه . قوله : ( وهذا حديث حسن صحيح غريب ) وأخرجه النسائي وأخرجه مسلم من حديث زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه أتم منه .




                                                                                                          الخدمات العلمية