الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( لا تكلف نفس إلا وسعها ) ، التكليف : إلزام ما يؤثر في الكلفة ، من كلف الوجه ، وكلف العشق ؛ لتأثيرهما . وسعها : طاقتها وهو ما يحتمله ، وقد بين تعالى ذلك في قوله : ( لينفق ذو سعة من سعته ) الآية ، وظاهر قوله : ( لا تكلف نفس إلا وسعها ) العموم في سائر التكاليف ، قيل : والمراد من الآية : أن والد الصبي لا يكلف من الإنفاق عليه وعلى أمه إلا بما تتسع به قدرته ، وقيل : المعنى : لا تكلف المرأة الصبر على التقصير في الأجرة ، ولا يكلف الزوج ما هو إسراف ، بل يراعى القصد . وقراءة الجمهور : ( لا تكلف نفس ) مبني للمفعول ، والفاعل هو الله تعالى ، وحذف للعلم به . وقرأ أبو رجاء : " لا تكلف " بفتح التاء ، أي : لا تتكلف ، وارتفع نفس على الفاعلية ، وحذفت إحدى التاءين على الخلاف الذي بيننا وبين بعض الكوفيين ، و " تكلف " تفعل ، مطاوع فعل ، نحو : كسرته فتكسر ، والمطاوعة أحد المعاني التي جاء لها تفعل . وروى أبو الأشهب عن أبي رجاء أنه قرأ : " لا نكلف نفسا " بالنون ، مسندا الفعل إلى ضمير الله تعالى ، و " نفسا " بالنصب مفعول .

( لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده ) ، قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وأبان عن عاصم : " لا تضار " بالرفع ، أي : برفع الراء المشددة ، وهذه القراءة مناسبة لما قبلها من قوله : ( لا تكلف نفس إلا وسعها ) لاشتراك الجملتين في الرفع ، وإن اختلف معناهما ؛ لأن [ ص: 215 ] الأولى خبرية لفظا ومعنى ، وهذه خبرية لفظا نهيية في المعنى . وقرأ باقي السبعة : " لا تضار " بفتح الراء ، جعلوه نهيا ؛ فسكنت الراء الأخيرة للجزم ، وسكنت الراء الأولى للإدغام ، فالتقى ساكنان ، فحرك الأخير منهما بالفتح لموافقة الألف التي قبل الراء ؛ لتجانس الألف والفتحة ، ألا تراهم حين رخموا : " أسحارا " وهو اسم نبات ، إذا سمي به حذفوا الراء الأخيرة ، وفتحوا الراء الساكنة التي كانت مدغمة في الراء المحذوفة ؛ لأجل الألف قبلها ، ولم يكسروها على أصل التقاء الساكنين ، فراعوا الألف وفتحوا ، وعدلوا عن الكسر وإن كان الأصل ؟ وقرأ : " لا يضار " بكسر الراء المشددة على النهي . وقرأ أبو جعفر الصفار : " لا تضار " بالسكون مع التشديد ، أجرى الوصل مجرى الوقف ، وروي عنه : " لا تضار " بإسكان الراء وتخفيفها ، وهي قراءة الأعرج ، من ضار يضير ، وهو مرفوع أجري الوصل فيه مجرى الوقف . وقال الزمخشري : اختلس الضمة فظنه الراوي سكونا . انتهى . وهذا على عادته في تغليط القراء وتوهيمهم ، ولا نذهب إلى ذلك . ووجه هذه القراءة بعضهم بأن قال : حذف الراء الثانية فرارا من التشديد في الحرف المكرر ، وهو الراء ، وجاز أن يجمع بين الساكنين : إما لأنه أجرى الوصل مجرى الوقف ، أو لأن مدة الألف تجري مجرى الحركة . انتهى . وروي عن ابن عباس : " لا تضارر " بفك الإدغام وكسر الراء الأولى وسكون الثانية . وقرأ ابن مسعود : " لا تضارر " بفك الإدغام أيضا وفتح الراء الأولى وسكون الثانية ، قيل : ورواها أبان عن عاصم . والإظهار في نحو هذين المثلين لغة الحجاز ، فأما من قرأ بتشديد الراء ، مرفوعة أو مفتوحة أو مكسورة ، فيحتمل أن يكون الفعل مبنيا للفاعل ، ويحتمل أن يكون مبنيا للمفعول ، كما جاء في قراءة ابن عباس ، وفي قراءة ابن مسعود ، ويكون ارتفاع " والدة " و " مولود " على الفاعلية ، إن قدر الفعل مبنيا للفاعل ، وعلى المفعولية إن قدر الفعل مبنيا للمفعول ، فإذا قدرناه مبنيا للفاعل فالمفعول محذوف تقديره : لا تضارر والدة زوجها بأن تطالبه بما لا يقدر عليه من رزق وكسوة وغير ذلك من وجوه الضرر ، ولا يضارر مولود له زوجته بمنعها ما وجب لها من رزق وكسوة ، وأخذ ولدها مع إيثارها إرضاعه ، وغير ذلك من وجوه الضرر . والباء في " بولدها " وفي " بولده " باء السبب . قال الزمخشري : ويجوز أن يكون " يضار " بمعنى تضر ، وأن تكون الباء من صلته ، لا تضر والدة بولدها ، فلا تسيء غذاءه وتعهده ، ولا تفرط فيما ينبغي له ، ولا تدفعه إلى الأب بعدما آلفها ، ولا يضر الوالد به بأن ينزعه من يدها ، أو يقصر في حقها ، فتقصر هي في حق الولد . انتهى كلامه . ويعني بقوله : أن تكون الباء من صلته ، يعني متعلقة بتضار ، ويكون ضار بمعنى أضر ، فاعل بمعنى أفعل ، نحو : باعدته وأبعدته ، وضاعفته وأضعفته ، وكون فاعل بمعنى أفعل هو من المعاني التي وضع لها فاعل ، تقول : أضر بفلان الجوع ؛ فالجار والمجرور هو المفعول به من حيث المعنى ، فلا يكون المفعول محذوفا ، بخلاف التوجيه الأول ، وهو أن تكون الباء للسبب ؛ فيكون المفعول محذوفا كما قدرناه . قيل : ويجوز أن يكون الضرار راجعا إلى الصبي ، أي : لا يضار كل واحد منهما الصبي ، فلا يترك رضاعه حتى يموت ، ولا ينفق عليه الأب أو ينزعه من أمه حتى يضر بالصبي ، وتكون الباء زائدة ؛ معناه : لا تضار والدة ولدها ولا مولود له ولده . انتهى . فيكون " ضار " بمعنى : ضر ، فيكون مما وافق فيه فاعل الفعل المجرد الذي هو " ضر " ، نحو قولهم : جاوزت الشيء وجزته ، وواعدته ووعدته ، وهو أحد المعاني التي جاء لها فاعل . والظاهر أن الباء للسبب ، ويبين ذلك قراءة من قرأ : " لا تضارر " براءين ، الأولى مفتوحة ، وهي قراءة عمر بن الخطاب . وتأويل من تأول في الإدغام أن الفعل مبني للمفعول ، فإذا كان الفعل مبنيا للمفعول تعين كون الباء للسبب ، وامتنع توجيه الزمخشري أن " ضار به " في معنى " أضر به " ، والتوجيه الآخر أن " ضار به " بمعنى " ضره " [ ص: 216 ] وتكون الباء زائدة ، ولا تنقاس زيادتها في المفعول ، مع أن في التوجيهين إخراج فاعل عن المعنى الكثير فيه ، وهو كون الاسمين شريكين في الفاعلية والمفعولية من حيث المعنى ، وإن كان كل واحد منهما مرفوعا والآخر منصوبا . وفي هذه الجمل الأربع من بلاغة المعنى ونصاعة اللفظ ما لا يخفى على من تعاطى علم البيان ؛ فالجملة الأولى أبرزت في صورة المبتدأ والخبر ، وجعل الخبر فعلا لأن الإرضاع مما يتجدد دائما ، ثم أضيف الأولاد إلى الوالدات تنبيها على شفقتهن على الأولاد ، وهزا لهن وحثا على الإرضاع ، وقيد الإرضاع بمدة ، وجعل ذلك لمن أراد الإتمام ، وجاء الوالدات بلفظ العموم ، وأضيف الأولاد لضمير العام ليعم ، وجمع القلة إذا دخلته الألف واللام ، أو أضيف إلى عام ؛ عم . وقد تكلمنا على شيء من هذا في كتابنا المسمى بـ ( التكميل في شرح التسهيل ) . والجملة الثانية أبرزت أيضا في صورة المبتدأ والخبر ، وجعل الخبر جارا ومجرورا بلفظ " على " الدالة على الاستعلاء المجازي والوجوب ؛ فأكد بذلك مضمون الجملة ؛ لأن من عادة المرء منع ما في يده من المال ، وإهمال ما يجب عليه من الحقوق ؛ فأكد ذلك ، وقدم الخبر على سبيل الاعتناء به ، وجاء الرزق مقدما على الكسوة لأنه الأهم في بقاء الحياة ، والمتكرر في كل يوم . والجملة الثالثة أبرزت في صورة الفعل ومرفوعه ، وأتى بمرفوعه نكرة لأنه في سياق النفي ؛ فيعم ، ويتناول أولا ما سيق لأجله ، وهو حكم الوالدات في الإرضاع ، وحكم المولود له في الرزق والكسوة اللذين للوالدات . والجملة الرابعة كالثالثة ؛ لأنها في سياق النفي ؛ فتعم أيضا ، وهي كالشرح للجملة قبلها ؛ لأن النفس إذا لم تكلف إلا طاقتها لا يقع ضرر لا للوالدة ولا للمولود له ؛ ولذلك جاءت غير معطوفة على الجملة قبلها ، فلا يناسب العطف ، بخلاف الجملتين الأوليين ؛ فإن كل جملة منهما مغايرة للأخرى ، ومخصصة بحكم ليس في الأخرى ، ولما كان تكليف النفس فوق الطاقة ، ومضارة أحد الزوجين الآخر مما يتجدد كل وقت ؛ أتى بالجملتين فعليتين أدخل عليهما حرف النفي الذي هو " لا " الموضوع للاستقبال غالبا ، وفي قراءة من جزم : ( لا تضار ) أدخل حرف النهي المخلص المضارع للاستقبال ، ونبه على محل الشفقة بقوله : " بولدها " ، فأضاف الولد إليها ، وبقوله : " بولده " فأضاف الولد إليه ؛ وذلك لطلب الاستعطاف والإشفاق . وقدم ذكر عدم مضارة الوالدة على عدم مضارة الوالد مراعاة للجملتين الأوليين ؛ إذ بدئ فيهما بحكم الوالدات ، وثنى بحكم الوالد في قوله : ( لا تضار ) دلالة على أنه إذا اجتمع مؤنث ومذكر معطوفان ؛ فالحكم في الفعل السابق عليهما للسابق منهما ، تقول : قام زيد وهند وقامت هند وزيد ، ويقوم زيد وهند ، وتقوم هند وزيد ، إلا إن كان المؤنث مجازيا بغير علامة تأنيث فيه ؛ فيحسن عدم إلحاق العلامة ، كقوله تعالى : ( وجمع الشمس والقمر ) .

( وعلى الوارث مثل ذلك ) ، هذا معطوف على قوله : ( وعلى المولود له ) ، والجملتان قبل هذا كالتفسير لقوله : " بالمعروف " اعتراض بهما بين المتعاطفين . وقرأ يحيى بن يعمر : " وعلى الورثة مثل ذلك " بالجمع . والظاهر في الوارث أنه وارث المولود له لعطفه عليه ؛ ولأن المولود له - وهو الأب - هو المحدث عنه في جملة المعطوف عليه ، والمعنى : أنه إذا مات المولود له وجب على وارثه ما وجب عليه من رزق الوالدات ، وكسوتهن بالمعروف ، وتجنب الضرار . وروي هذا عن عمر ، والحسن ، وقتادة ، والسدي . وخصه بعضهم بمن يرث من الرجال يلزمه الإرضاع ، كما كان يلزم أبا الصبي لو كان حيا ، وقاله مجاهد ، وعطاء . وقال سفيان : الوارث هو الباقي من والدي المولود بعد وفاة الآخر منهما ، ويرى مع ذلك إن كانت الوالدة هي الباقية أن يشاركها العاصب إرضاع المولود على قدر حظه من الميراث ، كما قال : ( واجعله الوارث منا ) . وقال قبيصة بن ذؤيب ، والضحاك ، وبشير بن نصر ، قاضي عمر بن عبد العزيز : الوارث هو الصبي نفسه ، أي : عليه في ماله إذا [ ص: 217 ] ورث أباه إرضاع نفسه ، وقال بعضهم : الوارث الولد ؛ تجب عليه نفقة الوالدين الفقيرين ، ذكره السجاوندي عن قبيصة بن ذؤيب . فعلى هذه الأقوال تكون الألف واللام في قوله : ( وعلى الوارث ) كأنها نابت عن الضمير العائد على " المولود له " ، كأنه قيل : وعلى وارث المولود له . وقال عطاء أيضا ، ومجاهد ، وابن جبير ، وقتادة ، والسدي ، ومقاتل ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح في آخرين : الوارث وارث المولود . واختلفوا ؛ فقيل : وارث المولود من الرجال والنساء ، قاله زيد بن ثابت ، وقتادة ، وغيرهما ، ويلزمهم إرضاعه على قدر مواريثهم منه . وقيل : وارثه من عصبته كائنا من كان ؛ مثل : الجد ، والأخ ، وابن الأخ ، والعم ، وابن العم ، وهذا يروى عن عمر ، وعطاء ، والحسن ، ومجاهد ، وإسحاق ، وأحمد ، وابن أبي ليلى . وقيل : من كان ذا رحم محرم ، فإن كان ليس بذي رحم محرم لم يلزمه شيء ، وبه قال أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد . والشافعي ، قال : الأجداد ثم الأمهات مثل ذلك ، أي : الأجرة والنفقة وترك المضارة . وعلى هذه الأقوال تكون الألف واللام كأنها نابت عن ضمير يعود على المولود ، وكأنه قيل : وعلى وارثه أي وارث المولود . وقيل : الوارث هنا من يرث الولاية على الرضيع ، ينفق من مال الرضيع عليه ، مثل ما كان ينفق أبوه . فتلخص في الوارث ستة أقوال ، وفي بعضها تفصيل كما ذكرناه ، فيجيء بالتفصيل عشرة أقوال ، والإشارة بقوله " ذلك " من قوله " مثل ذلك " إلى ما وجب على الأب من رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، على ما شرح في الأقوال في قوله : ( وعلى الوارث ) ، وقاله أيضا ابن عباس ، وإبراهيم ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، والشعبي ، والحسن . وعبر بعضهم عن هذا القول بأن مثل ذلك ، هو : أجرة المثل والنفقة . قال : ويروى ذلك عن عمر ، وزيد ، والحسن ، وعطاء ، ومجاهد ، وإبراهيم ، وقتادة ، وقبيصة ، والسدي ، واختاره ابن قتيبة . وقال الشعبي أيضا ، والزهري ، والضحاك ، ومالك وأصحابه ، وغيرهم : المراد بقوله : " مثل ذلك " أن لا يضار ، وأما الرزق والكسوة فلا شيء منهما . وروى ابن القاسم عن مالك أن الآية تضمنت أن الرزق والكسوة على الوارث ، ثم نسخ ذلك بالإجماع من الأمة أن لا يضار الوارث . انتهى . وأنى يكون بالإجماع وقد رأيت أقوال العلماء في وجوب ذلك ؟ وقيل : مثل ذلك : أجرة المثل ، والنفقة ، وترك المضارة ، روي ذلك عن ابن جبير ، ومجاهد ، ومقاتل ، وأبي سليمان الدمشقي ، واختاره القاضي أبو يعلى ، قالوا : ويشهد لهذا القول أنه معطوف على ما قبله ، وقد ثبت أن على المولود له النفقة والكسوة ، وأن لا يضار ؛ فيكون مثل ذلك مشيرا إلى جميع ما على المولود له .

( فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما ) ، الضمير في " أرادا " عائد على الوالدة والمولود له ، و " الفصال " : الفطام قبل تمام الحولين ؛ إذا ظهر استغناؤه عن اللبن ، فلا بد من تراضيهما ، فلو رضي أحدهما وأبى الآخر لم يجبر ، قاله مجاهد ، وقتادة ، والزهري ، والسدي وابن زيد ، و سفيان ، وغيرهم . وقيل : الفطام ، سواء كان في الحولين أو بعد الحولين ، قاله ابن عباس . وتحرير هذا القول أنه قبل الحولين لا يكون إلا بتراضيهما ، وأن لا يتضرر المولود ، وأما بعد تمامهما ؛ فمن دعا إلى الفصل فله ذلك ، إلا أن يلحق المولود بذلك ضرر ، وعلى هذين القولين يكون ذلك توسعة بعد التحديد . وقال ابن بحر : الفصال أن يفصل كل واحد منهما القول مع صاحبه بتسليم الولد إلى أحدهما ، وذلك بعد التراضي والتشاور ؛ لئلا يقدم أحد الوالدين على ما يضر بالولد ، فنبه تعالى على أن ما كان متهم العاقبة لا يقدم عليه إلا بعد اجتماع الآراء . وقرئ : " فإن أراد " ، ويتعلق عن تراض بمحذوف ؛ لأنه في موضع الصفة لقوله " فصالا " ، أي : فصالا كائنا ، وقدره الزمخشري صادرا . و " عن " للمجاوزة مجازا ؛ لأن ذلك معنى من المعاني لا جرم ، و " تراض " وزنه تفاعل ، وعرض فيه ما عرض في " أظب " جمع ظبي ؛ إذ أصله " أظبي " على : أفعل ، فتنقلب [ ص: 218 ] الياء واوا لضمة ما قبلها ، ثم إنه لا يوجد في لسان العرب اسم آخره واو قبلها ضمة لغير الجمع ، وأنه متى أدى إلى ذلك التصريف قلبت الواو ياء ، وحولت الضمة كسرة ، وكذلك فعل في تراض ، وتفاعل هنا في تراض وتشاور على الأكثر من معانيه من كونه واقعا من اثنين ، وأخر التشاور لأنه به يظهر صلاح الأمور والآراء وفسادها ، و " منهما " في موضع الصفة لتراض ، فيتعلق بمحذوف ، وهو مراد بعد قوله " وتشاور " ، أي : منهما ، ويحتمل في تشاور أن يكون أحدهما شاور الآخر ، أو يكون أحدهما شاور غير الآخر لتجتمع الآراء على المصلحة في ذلك . ( فلا جناح عليهما ) ، هذا جواب الشرط ، وقبل هذا الجواب جملة محذوفة بها يصح المعنى ، التقدير : ففصلاه ، أو ففعلا ذلك ، والمعنى : فلا جناح عليهما في الفصال .

التالي السابق


الخدمات العلمية