الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          ( المسألة السابعة عشرة : اعتقاد بعضهم أن آلهتهم تنفع وتضر بنفسها ) :

                          بينا مرارا أن غريزة الشعور بوجود إله للخلق هو مصدر غيبي للنفع والضر بذاته هي أصل الدين الفطري ، وأن العبادة الفطرية هي التقرب إلى المعبود النافع الضار بقدرته الذاتية [ ص: 188 ] غير مقيد بالأسباب الكسبية ، وأن سبب الشرك توهم أن بعض ما في عالم الشهادة يضر وينفع بذاته أو بوساطته عند الرب ذي القدرة الذاتية الغيبية على ذلك . فالشرك دركتان إحداهما أسفل من الأخرى ، والظاهر أن قوم هود كانوا في الدركة السفلى إذ قالوا له : - إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء - 54 وأما قوم نبينا - صلى الله عليه وسلم - فقد ارتقوا عن هذه الوثنية السفلى ، إذ كانوا يعتقدون أن آلهتهم لا تضر ولا تنفع ولكنها تشفع لهم عند الله تعالى يقولون : - ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى - 39 : 3 وتجد أمثالا للفريقين في مدعي الإيمان بالقرآن كما بيناه في تفسير تلك الآية وغيرها ، فهم يقولون في كل من تصيبه مصيبة من المنكرين لخرافتهم وتصرف أوليائهم في العالم : إن الولي تصرف فيه أو عطبه ، ( وراجع تفسير الآية والكلام في التوحيد ووظائف الرسل من هذه الخلاصة ) .

                          كل هذه الرذائل والمخازي المبينة في المسائل السبع عشرة هي من فساد العقائد وصفات النفس الباطنة ، وأما الرذائل العملية التي اشتهر بها أولئك الأقوام فأجمعها للفساد إسراف بعضهم في الشهوة البدنية ، وإسراف آخرين في الطمع المالي ، وتجد في قصص هذه السورة منها المسألتين 18 و 19 .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية