الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فائدة

اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا :

الأول : آية " الدين " ومأخذه أن الله تعالى أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أن أمرهم بكتابة الدين الكبير والحقير ، فبمقتضى ذلك يرجى عفو الله تعالى عنهم ، لظهور أمر العناية العظيمة بهم ، حتى في مصلحتهم الحقيرة .

الثاني : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة ( النور : 22 ) إلى قوله : ألا تحبون أن يغفر الله لكم ( الآية : 22 ) وهذا رواه مسلم في الصحيح إثر حديث الإفك ، عن الإمام الجليل عبد الله بن المبارك .

[ ص: 79 ] الثالث : قال الشبلي في قوله تعالى : قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ( الأنفال : 38 ) فالله تعالى لما أذن للكافرين بدخول الباب إذا أتوا بالتوحيد والشهادة ، أتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها ! .

الرابع : قوله تعالى : وهل نجازي إلا الكفور ( سبأ : 17 ) .

الخامس : قوله إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى ( طه : 48 ) .

السادس : قوله تعالى : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ( الشورى : 30 ) .

السابع : قوله تعالى : قل كل يعمل على شاكلته ( الإسراء : 84 ) .

الثامن : قوله تعالى : ولسوف يعطيك ربك فترضى ( الضحى : 5 ) .

حكى هذه الأقوال الخمسة الأخيرة الشيخ محيي الدين في " رءوس المسائل " .

التاسع : رأيت في مناقب الشافعي للإمام أبي محمد إسماعيل الهروي صاحب الحاكم بإسناده عن ابن عبد الحكم ، قال : سألت الشافعي : أي آية أرجى ؟ قال : قوله تعالى : يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ( البلد : 15 و 16 ) قال : وسألته عن أرجى حديث للمؤمن ؟ قال : حديث : إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل مسلم رجل من الكفار فيذهب به إلى النار .

العاشر والحادي عشر : روى الحاكم في مستدركه عن محمد بن المنكدر ، قال : [ ص: 80 ] التقى ابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال ابن عباس : أي آية في كتاب الله أرجى عندك ، فقال عبد الله بن عمرو : ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ( الزمر : 53 ) ، قال : لكن قول إبراهيم : قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ( البقرة : 260 ) هذا لما في الصدور من وسوسة الشيطان ، فرضي الله تعالى من إبراهيم بقوله : قال أولم تؤمن قال بلى وقال : صحيح الإسناد ولم يخرجاه .

وقال النحاس في سورة الأحقاف : فهل يهلك إلا القوم الفاسقون ( الآية : 35 ) ، فقال : إن هذه الآية من أرجى آية في القرآن إلا أن ابن عباس قال : أرجى آية في القرآن : وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم ( الرعد : 6 ) .

وأما أخوف آية فعن الإمام أبي حنيفة أنه قال : هي قوله تعالى : واتقوا النار التي أعدت للكافرين ( آل عمران : 131 ) ولو قيل لكم إنها : سنفرغ لكم أيها الثقلان ( الرحمن : 31 ) لكان له وجه ; ولهذا قال بعضهم : لو سمعت هذه الكلمة من خفير الحارة لم أنم .

التالي السابق


الخدمات العلمية