الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ميراث الأب والأم من ولدهما

                                                                                                          قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أن ميراث الأب من ابنه أو ابنته أنه إن ترك المتوفى ولدا أو ولد ابن ذكرا فإنه يفرض للأب السدس فريضة فإن لم يترك المتوفى ولدا ولا ولد ابن ذكرا فإنه يبدأ بمن شرك الأب من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم فإن فضل من المال السدس فما فوقه كان للأب وإن لم يفضل عنهم السدس فما فوقه فرض للأب السدس فريضة وميراث الأم من ولدها إذا توفي ابنها أو ابنتها فترك المتوفى ولدا أو ولد ابن ذكرا كان أو أنثى أو ترك من الإخوة اثنين فصاعدا ذكورا كانوا أو إناثا من أب وأم أو من أب أو من أم فالسدس لها وإن لم يترك المتوفى ولدا ولا ولد ابن ولا اثنين من الإخوة فصاعدا فإن للأم الثلث كاملا إلا في فريضتين فقط وإحدى الفريضتين أن يتوفى رجل ويترك امرأته وأبويه فلامرأته الربع ولأمه الثلث مما بقي وهو الربع من رأس المال والأخرى أن تتوفى امرأة وتترك زوجها وأبويها فيكون لزوجها النصف ولأمها الثلث مما بقي وهو السدس من رأس المال وذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس فمضت السنة أن الإخوة اثنان فصاعدا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          3 - باب ميراث الأب والأم من ولدهما

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا الذي لا اختلاف فيه والذي أدركت عليه [ ص: 158 ] أهل العلم ببلدنا ) المدينة النبوية ( أن ميراث الأب من ابنه وابنته ) فيه تفصيل وهو ( أنه إن ترك المتوفى ولدا أو ولد ابن ) وإن سفل حالة كون كل منهما ( ذكرا فإنه يفرض للأب السدس فريضة ) والباقي للولد الذكر أو ابنه وإن نزل ، وإن كان الولد أنثى فللأب السدس فريضة والبنت النصف والباقي للأب تعصيبا .

                                                                                                          ( وإن لم يترك المتوفى ولدا ولا ولد ابن ذكرا فإنه يبدأ بمن شرك الأب من أهل الفرائض فيعطون فرائضهم ، فإن فضل من المال السدس فما فوقه كان للأب وإن لم يفضل عنهم السدس فما فوقه فرض للأب السدس فريضة ) يعال له بها وذلك في المنبرية زوجة وأبوان وابنتان فللزوجة الثمن ثلاثة وللبنتين الثلثان ستة عشر وللأم السدس أربعة فيعال فيها بمثل ثمنها فتصير سبعا وعشرين وينقص كل واحد تسع ماله لأن الأب لا ينقص عن السدس .

                                                                                                          ( وميراث الأم من ولدها إذا توفي ابنها أو ابنتها فترك المتوفى ولدا أو ولد ابن ذكرا كان أو أنثى أو ترك من الإخوة اثنين فصاعدا ذكورا كانوا أو إناثا من أم وأب ) أي أشقاء ( ومن أب ) فقط ( أو من أم ) فقط ( فالسدس لها ) فريضة وإن لم يترك المتوفى ولدا أو ولد ابن ولا اثنين من الإخوة فإن للأم الثلث كاملا إلا في فريضتين فقط يقال لهما الغراوان لأن الأم غرت بإعطائها الثلث لفظا لا حقيقة .

                                                                                                          ( وإحدى الفريضتين أن يتوفى رجل ويترك امرأته وأبويه فلامرأته الربع ولأمه الثلث ، مما بقي وهو الربع من رأس المال ) والنصف للأب ( والأخرى ) ثانية الفريضتين ( أن تتوفى امرأة وتترك زوجها وأبويها فيكون لزوجها النصف ولأمها الثلث مما بقي وهو السدس من رأس المال ) والثلث للأب [ ص: 159 ] ( و ) دليل ( ذلك أن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه : ولأبويه ) أي الميت ( لكل واحد منهما السدس ) بدل من أبويه بإعادة العامل ، وفائدة هذا البدل إفادة أنهما لا يشتركان فيه ، إذ لو قيل لأبويه السدس لكان ظاهره اشتراكهما فيه ، ولو قيل لكل واحد من أبويه السدس لذهبت فائدة التأكيد وهو التفصيل بعد الإجمال ، ولو قيل لأبويه السدسان لأوهم قسمة السدسين عليهما على السوية وعلى خلافها ( مما ترك إن كان له ولد ) ذكر أو أنثى أو ابن ابن بالشمول أو الإجماع ( فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه ) أبوه وأمه فغلب الذكر ( فلأمه الثلث ) مما ترك ، وأخذ بظاهره ابن عباس فقال : تأخذه كاملا في مسألة زوج وأبوين أو زوجة وأبوين فيزيد ميراثها على الأب ، أخرج الدارمي وابن أبي شيبة عن عكرمة قال : أرسل ابن عباس إلى زيد بن ثابت : أتجد في كتاب الله تعالى ثلث ما بقي ؟ فقال : إنما أنت رجل تقول برأيك وأنا رجل أقول برأيي ، لكن رأي الجمهور أنها لو أخذت الثلث الحقيقي فيهما لأدى إلى مخالفة القواعد أن الأب أقوى في الإرث من الأم بدليل أن له ضعف حظها إذا انفرد ، فلو أخذت في زوج وأبوين الثلث الحقيقي فينقلب الحكم إلى أن للأنثى مثل حظ الذكرين ولا نظير لذلك في اجتماع ذكر وأنثى يدليان بجهة واحدة فخص عموم الآية بالقواعد لأنها من القواطع .

                                                                                                          ( فإن كان له إخوة ) ذكور أو إناث أشقاء أو لأب أو لأم ( فلأمه السدس ) مما ترك ( فمضت السنة أن الإخوة اثنان ) وبه قال الجمهور ، وقال ابن عباس : لا يحجبها إلا ثلاثة ، روى البيهقي عن ابن عباس : أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث قال الله تبارك وتعالى فإن كان له إخوة [ سورة النساء : الآية 11 ] فالأخوان ليسا بلسان قومك إخوة ، فقال عثمان : لا أستطيع أن أغير ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به الناس ، واحتج بالآية أيضا من قال لا يحجبها الأخوات لأن لفظ الإخوة خاص بالذكور كالبنتين ، والجمهور على خلاف ذلك أيضا .




                                                                                                          الخدمات العلمية