الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 115 ] بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة المصنف

الحمد لله الذي سبق الأزمان وابتدعها ، والأكوان واخترعها والجواهر وجمعها ، والأجسام وصنعها ، والسماء ورفعها ، والأنوار وشعشعها ، والشمس وأطلعها ، والمياه وأنبعها ، والأقوات وزرعها ، منع آلات الحس عن إدراكه وقطعها ، ووهب لنفس الآدمي نفائس المعارف وأقطعها وخصها دون الخلائق بمعان أودعها ، فعلمت أنها أين كانت وكيف كانت فهو معها .

أحمده على نعم أكثرها وأوسعها ، وأشهد بوحدانيته من براهين أكدت ما أودعها إلى نفس تقر أنه يعلم مستقرها ومستودعها .

وأصلي على رسوله محمد أشرف من جاء بملة وشرعها ، وألطف من ضاقت حاله على أمته فوسعها ، وعلى أصحابه وأتباعه إلى أن تسكن كل نفس من الجنة والنار موضعها ، أما بعد:

فإني رأيت النفوس تشرئب إلى معرفة بدايات الأشياء ، وتحب سماع أخبار الأنبياء ، وتحن إلى مطالعة سير الملوك والحكماء ، وترتاح إلى ذكر ما جرى للقدماء .

ورأيت المؤرخين يختلف مقادهم في هذه الأنباء ، فمنهم من يقتصر على ذكر الأنبياء الابتداء ، ومنهم من يقتصر على ذكر الملوك والخلفاء ، وأهل الأثر يؤثرون ذكر العلماء ، والزهاد يحبون أحاديث الصلحاء ، وأرباب الأرب يميلون إلى أهل الأدب والشعراء . ومعلوم أن الكل مطلوب ، والمحذوف من ذلك مرغوب ، فأتيتك بهذا الكتاب الجامع لغرض كل سامع ، يحوي عيون المراد من جميع ذلك ، والله المرشد إلى أصوب المسالك . [ ص: 116 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية