الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أرن ]

                                                          أرن : الأرن : النشاط ، أرن يأرن أرنا وإرانا وأرينا ; أنشد ثعلب للحذلمي :


                                                          متى ينازعهن في الأرين يذرعن أو يعطين بالماعون

                                                          ، وهو أرن وأرون ، مثل مرح ومروح ، قال حميد الأرقط :


                                                          أقب ميفاء على الرزون     حد الربيع أرن أرون

                                                          ، والجمع آران . التهذيب : الأرن البطر وجمعه آران . والإران : النشاط ; وأنشد ابن بري لابن أحمر يصف ثورا :


                                                          فانقض منحدبا ، كأن إرانه     قبس تقطع دون كف الموقد

                                                          وجمعه أرن . وأرن البعير ، بالكسر ، يأرن أرنا إذا مرح مرحا فهو أرن نشيط . والإران : الثور ، وجمعه أرن . غيره : الإران الثور الوحشي لأنه يؤارن البقرة أي يطلبها ، قال الشاعر :


                                                          وكم من إران قد سلبت مقيله     إذا ضن بالوحش العتاق معاقله

                                                          وآرن الثور البقرة مؤارنة وإرانا : طلبها ، وبه سمي الرجل إرانا ، وشاة إران : الثور لذلك ; قال لبيد :


                                                          فكأنها هي بعد غب كلالها     أو أسفع الخدين ، شاة إران

                                                          ، وقيل : إران موضع ينسب إليه البقر كما قالوا : ليث خفية وجن عبقر . والمئران : كناس الثور الوحشي ، وجمعه الميارين والمآرين . الجوهري : الإران كناس الوحش ، قال الشاعر :


                                                          كأنه تيس إران منبتل

                                                          أي منبت ; وشاهد الجمع قول جرير :


                                                          قد بدلت ساكن الآرام بعدهم     والباقر الخيس ينحين المآرينا

                                                          ، وقال سؤر الذئب :


                                                          قطعتها إذا المها تجوفت     مآرنا إلى ذراها أهدفت

                                                          والإران : الجنازة ، وجمعه أرن . وقال أبو عبيد : الإران خشب يشد بعضه إلى بعض تحمل فيه الموتى ، قال الأعشى :


                                                          أثرت في جناجن كإران ال     ميت عولين فوق عوج رسال

                                                          ، وقيل : الإران تابوت الموتى . أبو عمرو : الإران تابوت خشب ، قال طرفة :


                                                          أمون كألواح الإران نسأتها     على لاحب كأنه ظهر برجد

                                                          ابن سيده : الإران سرير الميت ; وقول الراجز :


                                                          إذا ظبي الكنسات انغلا     تحت إران ، سلبته الظلا

                                                          يجوز أن يعني به شجرة شبه النعش ، وأن يعني به النشاط أي أن هذه المرأة سريعة خفيفة ، وذلك فيهن مذموم . والأرنة : الجبن الرطب ، وجمعها أرن ، وقيل : حب يلقى في اللبن فينتفخ ، ويسمى ذلك البياض الأرنة وأنشد :


                                                          هدان كشحم الأرنة المترجرج

                                                          وحكي الأرنى أيضا . والأرانى : الجبن الرطب ، على وزن فعالى وجمعه أراني . قال : ويقال للرجل إنما أنت كالأرنة وكالأرنى . والأرانى : حب بقل يطرح في اللبن فيجبنه ; وقول ابن أحمر :


                                                          وتقنع الحرباء أرنته

                                                          قيل : يعني السراب والشمس ; عن ابن الأعرابي . وقال ثعلب : يعني شعر رأسه ، وفي التهذيب : وتقنع الحرباء أرتته ، بتاءين قال : وهي الشعرات التي في رأسه . وقوله : هدان نوام لا يصلي ولا يبكر لحاجته ، وقد تهدن ويقال : هو مهدون ; قال :


                                                          ولم يعود نومة المهدون

                                                          الجوهري : وأرنة الحرباء ، بالضم ، موضعه من العود إذا انتصب عليه ; وأنشد بيت ابن أحمر :


                                                          وتعلل الحرباء أرنته     متشاوسا لوريده نقر

                                                          وكنى بالأرنة عن السراب لأنه أبيض ، ويروى : أربته ، بالباء ، وأربته : قلادته وأراد سلخه ، لأن الحرباء يسلخ كما يسلخ الحية ، فإذا سلخ بقي في عنقه منه شيء كأنه قلادة ، وقيل : الأرنة ما لف على الرأس . والأرون : السم ، وقيل : هو دماغ الفيل ، وهو سم ; أنشد ثعلب :


                                                          وأنت الغيث ينفع ما يليه     وأنت السم خالطه الأرون

                                                          أي خالطه دماغ الفيل ، وجمعه أرن . وقال ابن الأعرابي : هو حب بقلة يقال له الأرانى ، والأرانى أصول ثمر الضعة ، وقال أبو حنيفة : هي جناتها . والأرانية : ما يطول ساقه من شجر الحمض وغيره ، وفي نسخة : ما لا يطول ساقه من شجر الحمض وغيره . وفي حديث استسقاء عمر - رضي الله عنه - : حتى رأيت الأرينة تأكلها صغار الإبل ; الأرينة : نبت معروف يشبه الخطمي ، وقد روي هذا الحديث : حتى رأيت الأرنبة . قال شمر : قال بعضهم : سألت الأصمعي عن الأرينة فقال : نبت ، قال : وهي عندي الأرنبة ، قال : وسمعت في الفصيح من أعراب سعد بن بكر ببطن مر ، قال : ورأيته نباتا يشبه الخطمي عريض الورق . قال شمر : وسمعت غيره من أعراب كنانة يقولون : هو الأرين ، وقالت أعرابية من بطن مر : هي الأرينة ، وهي خطمينا وغسول الرأس ، قال أبو منصور : والذي حكاه شمر صحيح والذي روي عن الأصمعي أنه الأرنبة من الأرانب غير صحيح ، وشمر متقن ، وقد عني بهذا الحرف وسأل عنه غير واحد من الأعراب حتى أحكمه ، والرواة ربما صحفوا وغيروا ، قال : ولم أسمع الأرينة في باب النبات من واحد ولا رأيته في نبوت البادية ، قال : وهو خطأ عندي ، [ ص: 94 ] قال : وأحسب القتبي ذكر عن الأصمعي أيضا الأرنبة ، وهو غير صحيح وحكى ابن بري : الأرين ، على فعيل نبت بالحجاز له ورق كالخيري ، قال : ويقال أرن يأرن أرونا دنا للحج . النهاية : وفي حديث الذبيحة أرن أو اعجل ما أنهر الدم ; قال ابن الأثير : هذه اللفظة قد اختلف في ضبطها ومعناها ، قال الخطابي : هذا حرف طالما استثبت فيه الرواة وسألت عنه أهل العلم فلم أجد عند واحد منهم شيئا يقطع بصحته ، وقد طلبت له مخرجا فرأيته يتجه لوجوه : أحدها أن يكون من قولهم أران القوم فهم مرينون إذا هلكت مواشيهم ، فيكون معناه أهلكها ذبحا وأزهق نفسها بكل ما أنهر الدم غير السن والظفر ، على ما رواه أبو داود في السنن ، بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون ، والثاني أن يكون إئرن ، بوزن أعرب ، من أرن يأرن إذا نشط وخف ، يقول : خف واعجل لئلا تقتلها خنقا ، وذلك أن غير الحديد لا يمور في الذكاة موره ، والثالث أن يكون بمعنى أدم الحز ولا تفتر من قولك رنوت النظر إلى الشيء إذا أدمته ، أو يكون أراد أدم النظر إليه وراعه ببصرك لئلا يزل عن المذبح ، وتكون الكلمة بكسر الهمزة والنون وسكون الراء بوزن ارم . قال الزمخشري : كل من علاك وغلبك فقد ران بك . ورين بفلان : ذهب به الموت . وأران القوم إذا رين بمواشيهم أي هلكت وصاروا ذوي رين في مواشيهم ، فمعنى أرن أي صر ذا رين في ذبيحتك ، قال : ويجوز أن يكون أران تعدية ران أي أزهق نفسها ; ومنه حديث الشعبي : اجتمع جوار فأرن أي نشطن ، من الأرن النشاط . وذكر ابن الأثير في حديث عبد الرحمن النخعي : لو كان رأي الناس مثل رأيك ما أدي الأريان ، وهو الخراج والإتاوة ، وهو اسم واحد كالشيطان . قال الخطابي : الأشبه بكلام العرب أن يكون الأربان ، بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة ، وهو الزيادة على الحق ، يقال فيه أربان وعربان ، فإن كانت معجمة باثنتين فهو من التأرية لأنه شيء قرر على الناس وألزموه .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية