الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال: "واختلفت المرجئة في الكفر ما هو؟، وهم ست فرق: الفرقة الأولى: تزعم أن الكفر خصلة واحدة وبالقلب تكون، وهو الجهل بالله، وهؤلاء هم الجهمية، والفرقة الثانية [ ص: 358 ] منهم يزعمون أن الكفر خصال كثيرة، ويكون بالقلب وبغير القلب، والجهل بالله كفر، وبالقلب يكون، وكذلك البغض لله والاستكبار عليه، وكذلك التكذيب بالله وبرسله بالقلب وباللسان، وكذلك الجحود لهم والإنكار لهم وسبهم، وكذلك الاستخفاف بالله ورسله كفر، وكذلك ترك التوحيد إلى اعتقاد التثنية والتثليث أو ما هو أكثر من ذلك كفر.

وزعم قائل هذا القول أن الكفر يكون بالقلب واللسان دون غيرهما من الجوارح، وكذلك الإيمان، وزعم قائل هذا القول أن قاتل النبي صلى الله عليه وسلم ولاطمه لم يكفر من أجل القتل واللطمة، ولكن من أجل الاستخفاف، وكذلك تارك الصلاة مستخفا لتركها إنما يكفر بالاستحلال لتركها لا بتركها، وزعم صاحب هذا القول أن من استحل ما حرم الله مما نص الرسول على تحريمه، وأجمع المسلمون على تحريمه فهو كافر بالله، وأن استحلال ذلك كفر، وكذلك من قال قولا واعتقد عقدا قد أجمع المسلمون على إكفار فاعله، وكل قول أجمعوا على

[ ص: 359 ] إكفار قائله كفر بأي جارحة كان الفعل. والفرقة الثالثة منهم يزعمون أن الكفر بالله هو التكذيب والجحد له والإنكار له باللسان، وأن الكفر لا يكون إلا باللسان دون غيره من الجوارح، وهذا قول محمد بن كرام وأصحابه. والفرقة الرابعة منهم يزعمون أن الكفر هو الجحود والإنكار والستر والتغطية وأن الكفر يكون بالقلب واللسان. والفرقة الخامسة منهم أصحاب أبي شمر، وقد تقدمت حكاية قولهم في إكفار من رد قولهم في التوحيد والقدر. والفرقة السادسة أصحاب محمد بن شبيب، وقد ذكرنا قولهم في الإكفار عند ذكرنا قولهم في الإيمان. وأكثر المرجئة لا يكفرون أحدا من المتأولين، ولا يكفرون إلا من أجمعت الأمة على إكفاره".

التالي السابق


الخدمات العلمية