الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فصل :

[ فتاوى في الأيمان وفي النذور ] في طرف من فتاويه صلى الله عليه وسلم في الأيمان والنذور .

{ وسأله سعد بن أبي وقاص فقال : يا رسول الله إني حلفت باللات والعزى وإن العهد كان قريبا ، فقال : قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، ثلاثا ، ثم انفث عن يسارك ثلاثا ، ثم تعوذ ، ولا تعد } ذكره أحمد .

ولما قال صلى الله عليه وسلم : { من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار سألوه صلى الله عليه وسلم : وإن كان شيئا يسيرا ، قال : وإن كان قضيبا من أراك } ذكره مسلم .

[ ص: 295 ] { وأعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم رجع إلى أهله فوجد الصبية قد ناموا ، فأتاه أهله بطعام ، فحلف لا يأكل ، من أجل الصبية ، ثم بدا له فأكل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك له ، فقال : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأتها وليكفر عن يمينه } ذكره مسلم .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم مالك بن فضالة فقال : يا رسول الله أرأيت ابن عم لي آتيه أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ، ثم يحتاج إلي فيأتيني فيسألني ، وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله ، قال : فأمرني أن آتي الذي هو خير وأكفر عن يميني } .

{ وخرج سويد بن حنظلة ووائل بن حجر يريدان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومهما ، فأخذ وائلا عدو له ، فتحرج القوم أن يحلفوا أنه أخوهم ، وحلف سويد أنه أخوه ، فخلوا سبيله ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، فقال : أنت أبرهم وأصدقهم ، المسلم أخو المسلم } ذكره أحمد .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم عن رجل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ، ويصوم ولا يفطر بنهاره ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ، فقال : مروه فليستظل وليتكلم وليقعد وليتم صومه } ذكره البخاري .

وفيه دليل على تفريق الصفقة في النذر ، وأن من نذر قربة صح النذر في القربة وبطل في غير القربة ، وهكذا الحكم في الوقف سواء .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنه ، فقال : إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، فقال أوف بنذرك } متفق عليه .

وقد احتج به من يرى جواز الاعتكاف عن غير صوم ، ولا حجة فيه ; لأن في بعض ألفاظ الحديث : { أن أعتكف يوما أو ليلة } ولم يأمره بالصوم إذ الاعتكاف المشروع إنما هو اعتكاف الصائم ، فيحمل اللفظ المطلق على المشروع .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم عن امرأة نذرت أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية غير مختمرة ، فأمرها أن تركب وتختمر وتصوم ثلاثة أيام ، } ذكره أحمد .

وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر قال { : نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله الحرام حافية ، فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستفتيته ، فقال : لتمش ولتركب } .

وعند الإمام أحمد { أن أخت عقبة نذرت أن تحج ماشية ، وأنها لا تطيق ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إن الله لغني عن مشي أختك ، فلتركب ولتهد بدنة } .

{ ونظر وهو يخطب إلى أعرابي قائم في الشمس ، فقال ما شأنك ؟ قال : نذرت أن لا [ ص: 296 ] أزال في الشمس حتى يفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخطبة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس هذا نذرا ، إنما النذر فيما ابتغي به وجه الله } ذكره أحمد .

{ ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيخا يهادي بين ابنيه ، فقال : ما بال هذا ؟ فقالوا : نذر أن يمشي ، فقال : إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه وأمره أن يركب } ، متفق عليه .

{ ونظر إلى رجلين مقترنين يمشيان إلى البيت ، فقال : ما بال القران ؟ قالوا : يا رسول الله نذرنا أن نمشي إلى البيت مقترنين ، فقال : ليس هذا نذرا ، إنما النذر فيما ابتغي به وجه الله } ذكره أحمد .

التالي السابق


الخدمات العلمية