الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ ص: 299 ] فصل :

[ فتاوى في الطب ] في ذكر طرف من فتاويه صلى الله عليه وسلم في الطب .

{ سأله صلى الله عليه وسلم أعرابي ، فقال : يا رسول الله أنتداوى ؟ قال نعم ; فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء ، علمه من علمه ، وجهله من جهله } ذكره أحمد .

وفي السنن { أن الأعراب قالت : يا رسول الله ألا نتداوى ؟ قال : نعم ، عباد الله تداووا ; فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء ، أو دواء ، إلا داء واحدا قالوا : يا رسول الله وما هو ؟ قال : الهرم } .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم فقيل له : أرأيت رقى تسترقيها ودواء نتداوى به وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئا ؟ قال : هي من قدر الله } ذكره الترمذي .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم : هل يغني الدواء شيئا ؟ فقال سبحان الله ، وهل أنزل الله - تبارك وتعالى - من داء في الأرض إلا جعل له شفاء } ذكره أحمد .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم عن السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب من أمته ، فقال : هم الذين لا يسترقون ، ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون } متفق عليه .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم آل عمرو بن حزم ، فقالوا : إنه كانت عندنا رقية نرقي بها من العقرب ، وإنك نهيت عن الرقى ، قال اعرضوا علي رقاكم قال : فعرضوا عليه ، فقال : ما أرى بأسا ، من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل } ذكره مسلم .

{ واستفتاه عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه ، وشكا إليه وجعا يجده في جسده منذ أسلم ، فقال : ضع يدك على الذي يألم من جسدك وقل : باسم الله ، ثلاثا ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر } ذكره مسلم .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم : أي الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، الرجل يبتلى على حسب دينه ، فإن كان رقيق الدين ابتلي على حسب ذلك ، وإن كان صلب الدين ابتلي على حسب ذلك ، فما يزال البلاء بالرجل حتى يمشي على وجه الأرض وما عليه خطيئة } ذكره أحمد ، وصححه الترمذي .

وذكر ابن ماجه { أنه سئل : أي الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء قلت : يا رسول الله ثم [ ص: 300 ] من ؟ قال ثم الصالحون ، إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة تحويه ، وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالعافية } .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم رجل : أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها ؟ قال : كفارات قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : وإن قلت ; قال وإن شوكة فما فوقها فدعا أبو سعيد على نفسه أن لا يفارقه الوعك حتى يموت ، وأن لا يشغله عن حج ولا عن عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة ، فما مسه إنسان إلا وجد حرة حتى مات ، } ذكره أحمد .

وقال أسامة رضي الله عنه : { شهدت الأعراب يسألون النبي صلى الله عليه وسلم أعلينا حرج في كذا ؟ أعلينا حرج في كذا ؟ فقال : عباد الله ، وضع الله الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئا ; فذلك هو الحرج فقالوا : يا رسول الله هل علينا من جناح أن نتداوى ؟ قال : تداووا عباد الله ; فإن الله لم يضع داء إلا وضع معه شفاء إلا الهرم قالوا : يا رسول الله ما خير ما أعطي العبد ؟ قال : حسن الخلق } ذكره ابن ماجه .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم عن الرقى ، فقال اعرضوا علي من رقاكم ثم قال : لا بأس بما ليس فيه شرك } ذكره مسلم .

{ وسأله صلى الله عليه وسلم طبيب عن ضفدع يجعلها في دواء ، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها } ذكره أهل السنن .

{ وشكا إليه صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف القمل ، فأفتاهم بلبس قميص الحرير } ، ذكره البخاري في صحيحه .

{ وأفتى صلى الله عليه وسلم أن من تطبب ، ولم يعرف منه طب فهو ضامن ، وهو يدل بمفهومه على أنه إذا كان طبيبا وأخطأ في تطبيبه فلا ضمان عليه } .

{ وشكا إليه صلى الله عليه وسلم المشاة في طريق الحج تعبهم وضعفهم عن المشي ، فقال لهم : استعينوا بالنسل فإنه يقطع عنكم الأرض وتخفون له قالوا : ففعلنا فخففنا له ، والنسل : العدو مع تقارب الخطا } ، ذكر ابن مسعود الدمشقي [ أن ] هذا الحديث في مسلم ، وليس فيه ، وإنما هو زيادة في حديث جابر الطويل الذي رواه مسلم في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم ، وإسناده حسن .

{ وسألته صلى الله عليه وسلم أسماء بنت عميس رضي الله عنها ، فقالت : يا رسول الله ، إن ولد جعفر [ ص: 301 ] تسرع إليهم العين ، أفأسترقي لهم ؟ قال : نعم فإنه لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين } ذكره أحمد .

وعند مالك عن حميد بن قيس المكي قال { : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابني جعفر بن أبي طالب ، فقال لحاضنتهما : ما لي أراهما ضارعين فقالت : إنه لتسرع إليهما العين ، ولم يمنعنا أن نسترقي لهما إلا أنا لا ندري ما يوافقك من ذلك ، فقال : استرقوا لهما ، فإنه لو سبق شيء القدر لسبقته العين } .

{ وسئل صلى الله عليه وسلم عن النشرة ، فقال : هي من عمل الشيطان } ذكره أحمد وأبو داود ، والنشرة : حل السحر عن المسحور ، وهي نوعان : حل سحر بسحر مثله ، وهو الذي من عمل الشيطان ; فإن السحر من عمل فيتقرب إليه الناشر والمنتشر بما يحب ، فيبطل عمله عن المسحور ، والثاني : النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية المباحة ، فهذا جائز ، بل مستحب ، وعلى النوع المذموم يحمل قول الحسن " لا يحل السحر إلا ساحر " .

التالي السابق


الخدمات العلمية