الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الوضوء لكل صلاة

                                                                                                          58 حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحق عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر قال قلت لأنس فكيف كنتم تصنعون أنتم قال كنا نتوضأ وضوءا واحدا قال أبو عيسى وحديث حميد عن أنس حديث حسن غريب من هذا الوجه والمشهور عند أهل الحديث حديث عمرو بن عامر الأنصاري عن أنس وقد كان بعض أهل العلم يرى الوضوء لكل صلاة استحبابا لا على الوجوب

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( حدثنا محمد بن حميد الرازي ) ابن حيان الرازي حافظ ضعيف ، وكان ابن [ ص: 158 ] معين حسن الرأي فيه ، من العاشرة ، روى عن يعقوب بن عبد الله القمي وجرير بن عبد الحميد وسلمة بن الفضل وغيرهم ، وعنه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهم . كذا في التقريب وتهذيب التهذيب ، وقال في الخلاصة : قال ابن معين ثقة كيس ، وقال البخاري : فيه نظر ، وكذبه الكوسج وأبو زرعة وصالح بن محمد وابن خراش ، مات سنة 248 ثمان وأربعين ومائتين ( نا سلمة بن الفضل ) الأبرش بالمعجمة مولى الأنصار قاضي الري صدوق كثير الخطأ من التاسعة ، قاله الحافظ ، روى عن ابن إسحاق وحجاج بن أرطاة وعنه عثمان بن أبي شيبة وابن معين ، ووثقه وقال مرة ليس به بأس يتشيع قال البخاري عنده مناكير وقال أبو حاتم محله الصدق وقال ابن سعد كان ثقة صدوقا وهو صاحب مغازي ابن إسحاق ، وقال النسائي ضعيف كذا في الخلاصة وهامشها .

                                                                                                          قوله : ( عن حميد ) هو حميد بن أبي حميد الطويل البصري ، ثقة مدلس روى عن أنس والحسن وعكرمة ، وعنه شعبة ومالك والسفيانان والحمادان وخلق ، قال القطان : مات حميد وهو قائم يصلي ، قال شعبة لم يسمع حميد من أنس إلا أربعة وعشرين حديثا ، مات سنة 142 ثنتين وأربعين ومائة .

                                                                                                          قوله : ( كان يتوضأ لكل صلاة ) أي مفروضة ( كنا نتوضأ وضوءا واحدا ) أي كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ما لم نحدث كما في الرواية الآتية .

                                                                                                          قوله : ( حديث أنس حديث حسن غريب ) تفرد به محمد بن إسحاق وهو مدلس ورواه عن حميد معنعنا .

                                                                                                          قوله : ( وقد كان بعض أهل العلم يرى الوضوء لكل صلاة استحبابا لا على الوجوب ) بل كان أكثر أهل العلم يرون الوضوء لكل صلاة استحبابا لا على الوجوب ، قال الطحاوي في شرح الآثار ذهب قوم إلى أن الحاضرين يجب عليهم أن يتوضئوا لكل صلاة ، واحتجوا في ذلك بهذا [ ص: 159 ] الحديث أي بحديث سليمان عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة ، وخالفهم في ذلك أكثر العلماء فقالوا : لا يجب الوضوء إلا من حدث . انتهى ، وقال الحافظ في الفتح : اختلف السلف في معنى قوله تعالى : إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية ، فقال الأكثرون التقدير إذا قمتم إلى الصلاة محدثين ، واستدل الدارمي في مسنده على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم لا وضوء إلا لمن أحدث ومن العلماء من حمله على ظاهره وقال كان الوضوء لكل صلاة واجبا ، ثم اختلفوا هل نسخ أو استمر حكمه ، ويدل على النسخ ما أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة من حديث عبد الله بن حنظلة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك ، وذهب إلى استمرار الوجوب قوم كما جزم به الطحاوي ، ونقله ابن عبد البر عن عكرمة وابن سيرين وغيرهما واستبعده النووي وجنح إلى تأويل ذلك إن ثبت عنهم ، وجزمنا بأن الإجماع استقر على عدم الوجوب ، ويمكن حمل الآية على ظاهرها من غير نسخ ويكون الأمر في حق المحدثين على الوجوب وفي حق غيرهم على الندب ، وحصل بيان ذلك بالسنة . انتهى كلام الحافظ .




                                                                                                          الخدمات العلمية