الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 247 ] 167

ثم دخلت سنة سبع وستين ومائة

[ ذكر عدة حوادث ]

في هذه السنة سار موسى الهادي إلى جرجان في جمع كثيف وجهاز لم يتجهز أحد بمثله لمحاربة ونداد هرمز ، وشروين ، صاحبي طبرستان ، وجعل المهدي على رسائل موسى أبان بن صدقة ، ومحمد بن جميل على جنده ، ونفيعا مولى المنصور على حجابته ، وعلي بن عيسى بن ماهان ، على حرسه ، فسير الهادي الجنود إليهما ، وأمر عليهم يزيد بن مزيد ، فحاصرهما .

وفيها توفي عيسى بن موسى بالكوفة ، فأشهد روح بن حاتم على وفاته القاضي وجماعة من الوجوه ، ودفن ، وكان عمره خمسا وستين سنة ، ومدة ولايته العهد ثلاثا وعشرين سنة ، وقد تقدم ذكر ولايته العهد وعزله عنه .

وفيها جد المهدي في طلب الزنادقة ، فأخذ يزيد بن الفيض ، فأقر ، فحبس ، فهرب ، فلم يقدر عليه . وكان المتولي لأمر الزنادقة [ عمر ] الكلوذاني .

وفيها عزل المهدي أبا عبيد الله عن ديوان الرسائل وولاه الربيع .

وفيها كان الوباء ببغداذ والبصرة ، وفشا في الناس سعال شديد .

[ ص: 248 ] وفيها توفي أبان بن صدقة ، كاتب الهادي ، فوجه المهدي مكانه أبا خالد الأحول .

وفيها أمر المهدي بالزيادة في المسجد الحرام ، ومسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخلت فيه دور كثيرة ، وكان المتولي لبنائه يقطين بن موسى ، فبقي البناء فيه إلى أن توفي المهدي .

وكذلك أمر بالزيادة في المسجد الجامع بالموصل ، ورأيت لوحا فيه ذكر ذلك ، وهو في حائط الجامع ، سنة ثلاث وستمائة ( وهو باق ) .

وفيها عزل يحيى الحرشي عن طبرستان والرويان ، وما كان إليه ، ووليه عمر بن العلاء ، وولي جرجان فراشة مولى المهدي .

وفيها أظلمت الدنيا لثلاث مضين من ذي الحجة ، حتى تعالى النهار .

ولم يكن صائفة للهدنة .

وحج بالناس إبراهيم بن يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو على المدينة ، ثم توفي بعد فراغه من الحج بأيام ، وتولى مكانه إسحاق بن عيسى بن علي .

[ ص: 249 ] وفيها طعن عقبة بن سلم الهنائي ، اغتاله رجل بخنجر ، فمات ببغداذ .

وكان على اليمن : سليمان بن يزيد الحارثي ، وعلى اليمامة : عبد الله بن مصعب الزبيري ، وكان على البصرة : محمد بن سليمان ، وعلى قضائها : عمر بن عثمان التيمي ، وعلى الموصل : أحمد بن إسماعيل الهاشمي ، وقيل موسى بن كعب ، وباقي الأمصار كما تقدم .

[ الوفيات ]

وفي هذه السنة توفي جعفر الأحمر أبو شيبة ، والحسن بن صالح بن حي وكان شيعيا عابدا ، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي ، وحماد بن سلمة ، وعبد العزيز بن مسلم .

وفيها أفسد العرب في بادية البصرة بين اليمامة والبحرين ، وقطعوا الطريق ، وانتهكوا المحارم ، وتركوا الصلاة ، فأرسل المهدي إليهم جيشا ، فقاتلهم ، واشتد القتال ، وصبر العرب ، فظفروا ، وقتلوا عامة العسكر المنفذ إليهم فقويت شوكتهم وزاد شرهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية