الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل )

                                                                                                                              فيما يقتضي انعزال القاضي ، أو عزله وما يذكر معه إذا ( جن قاض أو أغمي عليه ) ولو لحظة خلافا للشارح وإنما استثنى في نحو الشريك مقدار ما بين صلاتين كما مر ؛ لأنه يحتاط هنا ما لا يحتاط ثم ، أو مرض مرضا لا يرجى زواله ، وقد عجز معه عن الحكم ( أو عمي ) ، أو صار كالأعمى كما عرف مما مر في قوله : بصير ( أو ذهبت أهلية اجتهاده ) المطلق ، أو المقيد بنحو غفلة ( و ) كذا إن لم يكن مجتهدا ، وصححنا ولايته فذهب ( ضبطه بغفلة ، أو نسيان ) بحيث إذا نبه لا ينتبه ( لا ينفذ حكمه ) لانعزاله بذلك ، وكذا إن خرس ، أو صم . وخالف ابن أبي عصرون في العمى وصنف فيه لما عمي محتجا بأنه لا يقدح في النبوة التي هي أعلى من القضاء [ ص: 121 ] وأخذ منه الأذرعي اختياره أن الإغماء لا يؤثر ؛ لأنه مرض لا يقدح في النبوة أيضا ومما يرد عليهما أن الملحظ هنا غيره ثم كما هو واضح . ثم رأيته في القوت أشار لهذا على أنه لم يثبت عمى نبي كما حقق في موضعه . ومر رد الاستدلال بقصة ابن أم مكتوم ولو عمي بعد ثبوت أمر عنده ولم يبق إلا الحكم الذي لا يحتاج معه إلى إشارة نفذ حكمه به .

                                                                                                                              ( وكذا لو فسق ) أو زاد فسق من لم يعلم موليه بفسقه الأصلي ، أو الزائد حال توليته كما هو ظاهر فلا ينفذ حكمه ( في الأصح ) لوجود المنافي هذا إن قلنا : لا ينعزل بالفسق وإلا لم ينفذ جزما ، وبهذا يندفع ما أورد عليه من التكرار فإنه إنما ذكره في الوصية بالنسبة للانعزال لا لنفوذ الحكم . ولا نظر لفهم أن المراد بعدم النفوذ عدم الولاية من قوله : ( فإن زالت هذه الأحوال لم تعد ولايته في الأصح ) إلا بتولية جديدة كالوكالة ولأن ما بطل لا يعود إلا بتجديد عقده .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 120 ] فصل )

                                                                                                                              جن قاض ، أو أغمي عليه ، أو عمي ، أو ذهب أهلية اجتهاده إلخ . ( قوله : ولو لحظة ) كتب عليه م ر . ( قوله : أو عمي ) لو عمي ، ثم أبصر فإن تحقق حصول العمى حقيقة احتيج إلى تولية جديدة وإلا فلا ، وعلى هذا يحمل قول البلقيني أنه لو أبصر بعد العمى لم يحتج لتولية جديدة م ر . ( قوله : وكذا إن لم يكن مجتهدا ) يتأمل هذا التقييد [ ص: 121 ] نعم إن كان ذهاب الضبط ينافي أهلية الاجتهاد ظهر التقييد . ( قوله : أو الزائد حال توليته ) أي : وكان بحيث لو علم لم يوله مع ذلك .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل فيما يقتضي انعزال القاضي ، أو عزله )

                                                                                                                              . ( قوله : فيما يقتضي ) إلى قول المتن : لكن في النهاية إلا قوله : وخالف إلى ولو عمي وقوله : بحيث إذا نبه لا يتنبه وقوله : ولأن ما إلى المتن . ( قوله : انعزال القاضي ) أي بلا عزل ، أو عزله أي : بعزل الإمام مثلا له ، وما يذكر معه أي : من قول المصنف : وينعزل بموته وانعزاله من أذن له إلخ . ( قوله : ولو لحظة ) كذا في المغني . ( قوله : أو مرض ) إلى قوله : وخالف في المغني إلا قوله : أو صار إلى المتن . ( قوله : لا يرجى زواله وقد عجز إلخ ) عبارة المغني الثالث : أي : من التنبيهات المرض المعجز له عن النهضة ، والحكم ينعزل به إذا كان لا يرجى زواله ، فإن رجي ، أو عجز عن النهضة دون الحكم لم ينعزل قاله الماوردي ، الرابع : لو أنكر كونه قاضيا ففي البحر ينعزل ، ومحله كما قاله الزركشي إذا تعمد ولا غرض له في الإخفاء ، الخامس : لو أنكر الإمام كونه قاضيا لم ينعزل كما بحثه بعض المتأخرين . ا هـ . ( قول المتن : أو عمي ) ولو عمي ثم أبصر فإن تحقق حصول العمى حقيقة احتيج إلى تولية جديدة ، وإلا فلا وعلى هذا يحمل قول البلقيني أنه لو أبصر بعد العمى لم يحتج لتولية جديدة م ر . ا هـ . سم وجرى المغني على ظاهر قول البلقيني حيث قال : ولو عاد بصره تبين أنه لم ينعزل ؛ لأنه لو ذهب لما عاد كما مر ذلك في الجنايات . ( قوله : في قوله : بصير ) أي : في شرحه . ( قوله : وصححنا ولايته ) أي : كما مر في قول المصنف : فإن تعذر جمع هذه الشروط إلخ وفي شرحه . ( قوله : بحيث إذا نبه إلخ ) ظاهر صنيعه أن هذا لا يشترط في غفلة المجتهد ووجهه ظاهر ؛ إذ أصل الغفلة مخل بالاجتهاد كما علم مما مر وبه يندفع توقف الشهاب . ا هـ . رشيدي ويأتي عن المغني ما يؤيد التوقف عبارة المغني قال الأذرعي : ومن لم يبلغ هذه الرتبة أي : الاجتهاد في المذهب [ ص: 121 ] وهو الموجود اليوم غالبا فلم أر فيه شيئا ، أو يشبه أنه إذا حصل له أدنى تغفل ونحوه لم ينفذ حكمه لانحطاط رتبته فيقدح في ولايته ما عساه يغتفر في حق غيره . ا هـ . ( قوله : وأخذ منه ) أي : من الاحتجاج المذكور .

                                                                                                                              ( قوله : أشار لهذا ) أي : لمغايرة الملحظ في المقامين . ( قوله : لا يحتاج معه إلى إشارة ) أي : بين الخصمين بأن كانا معروفي الاسم ، والنسب . ا هـ . ع ش . ( قوله : أو زاد فسق من لم يعلم بفسقه الأصلي إلخ ) أي : وكان بحيث لو علم لم يوله مع ذلك . ا هـ . سم عبارة المغني ، ومحل ذلك أي : ما في المتن في غير قاضي الضرورة أما هو إذا ولاه ذو شوكة ، والقاضي فاسق فزاد فسقه فلا ينعزل كما بحثه بعض المتأخرين . ا هـ . وعبارة الرشيدي قوله : أو الرائد إلخ عبارة م ر فيما كتبه على شرح الروض نصها ويظهر لي أن يقال : إن كان ما طرأ عليه لو علم به مستنيبه لم يعزله بسببه فهو باق على ولايته ، وإلا فلا . ا هـ . ( قوله : حال توليته ) ظرف ليعلم . ( قوله : لوجود المنافي ) إلى قوله : أو ظن في المغني إلا قوله : ولا نظر إلى المتن . ( قوله : هذا ) أي : الخلاف عبارة النهاية ، والوجهان إذا قلنا إلخ . ( قوله : إن قلنا لا ينعزل إلخ ) أي : على المرجوح ( قوله : وبهذا ) أي : قوله : هذا إن قلنا إلخ . ( قوله : عليه ) أي المتن . ( قوله : إنما ذكره ) أي : طرو الفسق . ( قوله : لا لنفوذ الحكم ) الأولى كما في المغني لا لعدم نفوذ الحكم . ( قوله : ولا نظر لفهم إلخ ) أي : لأن التكرار يعتبر فيه خصوص ما تقدم ولا يكفي فيه أنه يفهم من السياق أن المراد به ما تقدم . ا هـ . ع ش .

                                                                                                                              ( قوله : من قوله إلخ ) متعلق بالفهم . ( قول المتن : في الأصح ) والثاني تعود كالأب إذا جن ثم أفاق ، أو فسق ، ثم تاب نهاية ومغني ومثل الأب في هذا الحكم الجد ، والحاضنة ، والناظر بشرط الواقف . ا هـ . ع ش عبارة المغني ( تنبيه )

                                                                                                                              لو زالت أهلية الناظر على الوقف ، ثم عادت فإن كان نظره مشروطا في أصل الوقف عادت ولايته كما أفتى به المصنف لقوته ؛ إذ ليس لأحد عزله ، وإلا فلا تعود إلا بتولية جديدة . ا هـ .




                                                                                                                              الخدمات العلمية