الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 2284 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 2285 ] كتاب الظهار

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ب) نسخة برلين رقم (3144)

                                                                                                                                                                                        2 - (ح) نسخة الحسنية رقم (12929)

                                                                                                                                                                                        3 - (ق 10) نسخة القرويين رقم (370)

                                                                                                                                                                                        4 - (ش 1) نسخة الشيخ أباه - النباغية (شنقيط) [ ص: 2286 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 2287 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        صلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وصحبه وسلم

                                                                                                                                                                                        كتاب الظهار

                                                                                                                                                                                        باب في تحريم الظهار ومن نوى الظهار ولم ينطق به أو نطق به وأراد به الطلاق

                                                                                                                                                                                        الظهار محرم لقول الله -عز وجل-: وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا [المجادلة: 2] وذكر الظهار ها هنا كناية عن الوطء؛ لأن الظهر موضع الركوب، والمرأة مركوبة حين الغشيان. فمن تعدى وظاهر لزمه ذلك حسب ما ورد به القرآن، فإن قال: أنت علي حرام كأمي- كان مظاهرا، وإن لم يذكر الظهر، فقوله: أنت علي كظهر أمي، أو كأمي سواء.

                                                                                                                                                                                        وقال مالك في كتاب محمد: إذا قال: أنت أمي إن فعلت كذا وكذا، ففعلته، أنه مظاهر. وهذا لقصد الحالف، ليس بمجرد اللفظ؛ لأن الظهار أن يجعلها حراما كأمه، ومقتضى قوله: أنت أمي أن تكون الزوجة أما، وهذا [ ص: 2288 ] مستحيل أن يكون شخصاهما شخصا واحدا، ولو قال: لا أمسك حتى أمس أمي - لم يكن مظاهرا، قال ابن القاسم في العتبية: فليمسها، ولا شيء عليه. ولم يره مظاهرا؛ لأنه لم يلحقها بها في التحريم، ولم يشبهها بها، ولو أراد بذلك التحريم لكان طلاقا.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قال: أنت أحرم علي من أمي، فقال محمد: هو ظهار. وقال ابن القاسم في العتبية: هي طالق البتة.

                                                                                                                                                                                        فوجه الأول: أنه ليس في بنات آدم أحرم عليه من أمه، فلم يلزمه أكثر من الظهار.

                                                                                                                                                                                        ووجه الثاني: أنه لم يعلق التحريم بها، وإنما علقه بغيرها، فخرج عن الظهار، وجرى على الحكم فيمن حرم زوجته، ولم يذكر أمه.

                                                                                                                                                                                        واختلف أيضا إذا قال: أنت علي حرام مثل أمي، فقال ابن القاسم: هو ظهار.

                                                                                                                                                                                        وفي مختصر الوقار: أنها طالق البتة. فإن راجعها بعد زوج- لم يطأها حتى [ ص: 2289 ] يكفر كفارة الظهار، وهذا جواب من أشكل عليه الأمر، هل يكون حكم هذا اللفظ الطلاق أو الظهار فألزمه إياها.

                                                                                                                                                                                        فإن قال: أنت علي كبعض من حرم علي من النساء - كان مظاهرا؛ لأن الأم والأخت ممن حرم عليه من النساء.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا قال: أنت حرام مثل كل شيء حرمه الكتاب، فقال مالك في المبسوط، وابن القاسم في العتبية: هو طلاق الثلاث، بمنزلة الميتة والدم وقال ربيعة: هو ظهار؛ لأن الكتاب حرم عليه أمه والميتة.

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: القياس أن يلزماه جميعا: الطلاق والظهار؛ لأن الكتاب حرم عليه أمه والميتة، إلا أن تكون له نية في أحدهما.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية