الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                ومنها أن لا يكون أحد الزوجين ملك صاحبه ولا ينتقص منه ملكه ، فلا يجوز للرجل أن يتزوج بجاريته ولا بجارية مشتركة بينه وبين غيره ، وكذلك لا يجوز للمرأة أن تتزوج عبدها ولا العبد المشترك بينها وبين غيرها ، لقوله تعالى : { والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم } الآية ثم أباح الله عز وجل الوطء بأحد أمرين ; لأن الكلمة تتناول أحد المذكورين فلا تجوز الاستباحة بهما جميعا ; ولأن للنكاح حقوقا تثبت على الشركة بين الزوجين .

                                                                                                                                منها : مطالبة المرأة الزوج بالوطء ومطالبة الزوج الزوجة بالتمكين ، وقيام ملك الرقبة يمنع من الشركة ، وإذا لم تثبت الشركة في ثمرات النكاح لا يفيد النكاح فلا يجوز ; ولأن الحقوق الثابتة بالنكاح لا يجوز أن تثبت على المولى لأمته ولا على الحرة لعبدها ; لأن ملك الرقبة يقتضي أن تكون الولاية للمالك ، وكون المملوك يولى عليه ، وملك النكاح يقتضي ثبوت الولاية للملوك على المالك فيؤدي إلى أن يكون الشخص الواحد في زمان واحد واليا وموليا عليه في شيء واحد ، وهذا محال ; ولأن النكاح لا يجوز من غير مهر عندنا ، ولا يجب للمولى على عبده دين ولا للعبد على مولاه .

                                                                                                                                وكذا لا يجوز أن يتزوج مدبرته ومكاتبته ; لأن كل واحد منهما ما ملكه ، فكذا إذا اعترض ملك اليمين على نكاح يبطل النكاح بأن ملك أحد الزوجين صاحبه أو شقصا منه لما نذكر - إن شاء الله تعالى - في موضعه .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية