الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 61 ] قاعدة جليلة

في إثبات علو الله تعالى على جميع خلقه [ ص: 62 ] [ ص: 63 ] بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية رضي الله عنه:

قاعدة جليلة بمقتضى النقل الصريح في إثبات علو الله تعالى الواجب له على جميع خلقه فوق عرشه، كما ثبت ذلك في الكتاب والسنة والإجماع والعقل الصريح الصحيح والفطرة الإنسانية الصحيحة الباقية على أصلها.

وهي أن يقال: كان الله ولا شيء معه، ثم خلق العالم، فلا يخلو: إما أن يكون خلقه في نفسه واتصل به، وهذا محال، لتعالي الله عز وجل عن مماسة الأقذار والنجاسات والشياطين والاتصال بها.

وإما أن يكون خلقه خارجا عنه ثم دخل فيه، وهذا محال أيضا، لتعالي الله عز وجل عن الحلول في المخلوقات. وهاتان الصورتان مما لا نزاع فيها بين المسلمين.

وإما أن يكون خلقه خارجا عن نفسه ولم يحل فيه، فهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره، ولا يقبل الله منا ما يخالفه، بل حرم علينا ما يناقضه.

وهذه الحجة هي من بعض حجج الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، التي احتج بها على الجهمية في زمن المحنة. ولهذا قال عبد الله بن المبارك فيما صح عنه أنه قيل له: بماذا نعرف ربنا؟ قال: [ ص: 64 ]

بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه .

وعلى ذلك انقضى إجماع الصحابة والتابعين وتابعيهم وجميع الأئمة الذين لهم في الأمة لسان صدق، وما خالفهم في ذلك من يحتج بقوله.

ومن ادعى أن العقل يعارض السمع ويخالفه فدعواه باطلة، لأن العقل الصريح لا يتصور أن يخالف النقل الصحيح. وإنما المخالفون للكتاب والسنة والإجماع، والمدعون حصول القواطع العقلية إنما معهم شبه المعقولات لا حقائقها، ومن أراد تجربة ذلك وتحقيقه فعليه بالبراهين القاهرة والدلائل القاطعة التي هي مقررة مسطورة في غير هذا الموضع . والله أعلم.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية