الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ أسف ]

                                                          أسف : الأسف : المبالغة في الحزن والغضب . وأسف أسفا ، فهو أسف وأسفان وآسف وأسوف وأسيف ، والجمع أسفاء . وقد أسف على ما فاته وتأسف أي تلهف ، وأسف عليه أسفا أي غضب ، وآسفه : أغضبه . وفي التنزيل العزيز : فلما آسفونا انتقمنا منهم معنى آسفونا أغضبونا ، وكذلك قوله عز وجل : إلى قومه غضبان أسفا . والأسيف والآسف : الغضبان ; قال الأعشى - رحمه الله تعالى - :


                                                          أرى رجلا منهم أسيفا ، كأنما يضم إلى كشحيه كفا مخضبا

                                                          يقول : كأن يده قطعت فاختضبت بدمها . ويقال : لموت الفجأة : أخذة أسف . وقال المبرد في قول الأعشى : أرى رجلا منهم أسيفا : هو من التأسف لقطع يده ، وقيل : هو أسير قد غلت يده فجرح الغل يده ، قال : والقول الأول هو المجتمع عليه . ابن الأنباري : أسف فلان على كذا وكذا وتأسف وهو متأسف على ما فاته ، فيه قولان : أحدهما أن يكون المعنى حزن على ما فاته لأن الأسف عند العرب الحزن ، وقيل أشد الحزن ، وقال الضحاك في قوله تعالى : إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا معناه حزنا ، والقول الآخر أن يكون معنى أسف على كذا وكذا أي جزع على ما فاته ، وقال مجاهد : أسفا أي جزعا ، وقال قتادة : أسفا غضبا . وقوله عز وجل : يا أسفي على يوسف أي يا جزعاه . والأسيف والأسوف : السريع الحزن الرقيق ، قال : وقد يكون الأسيف الغضبان مع الحزن . وفي حديث عائشة - رضي الله عنها - أنها ، قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - حين أمر أبا بكر بالصلاة في مرضه : إن أبا بكر رجل أسيف فمتى ما يقم مقامك يغلبه البكاء أي سريع البكاء والحزن ، وقيل : هو الرقيق . قال أبو عبيد : الأسيف السريع الحزن والكآبة ، في حديث عائشة ، قال : وهو الأسوف والأسيف ، قال : وأما [ ص: 106 ] الأسف ، فهو الغضبان المتلهف على الشيء ومنه قوله تعالى : غضبان أسفا . الليث : الأسف في حال الحزن وفي حال الغضب إذا جاءك أمر ممن هو دونك فأنت أسف أي غضبان ، وقد آسفك إذا جاءك أمر فحزنت له ولم تطقه فأنت أسف أي حزين ومتأسف أيضا . وفي حديث : موت الفجأة راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر أي أخذة غضب أو غضبان . يقال : أسف يأسف أسفا ، فهو أسف إذا غضب . وفي حديث النخعي : إن كانوا ليكرهون أخذة كأخذة الأسف ; ومنه الحديث : آسف كما يأسفون ومنه حديث معاوية بن الحكم : فأسفت عليها ; وقد آسفه وتأسف عليه . والأسيف : العبد والأجير ونحو ذلك لذلهم وبعدهم ، والجمع كالجمع ، والأنثى أسيفة ، وقيل : العسيف الأجير . وفي الحديث : لا تقتلوا عسيفا ولا أسيفا ; الأسيف : الشيخ الفاني ، وقيل العبد ، وقيل الأسير ، والجمع الأسفاء ; وأنشد ابن بري :


                                                          ترى صواه قيما وجلسا     كما رأيت الأسفاء البؤسا

                                                          ، قال أبو عمرو : الأسفاء الأجراء ، والأسيف : المتلهف على ما فات ، والاسم من كل ذلك الأسافة . يقال : إنه لأسيف بين الأسافة . والأسيف والأسيفة والأسافة كله : البلد الذي لا ينبت شيئا . والأسافة : الأرض الرقيقة ; عن أبي حنيفة . والأسافة : رقة الأرض ; وأنشد الفراء :


                                                          تحفها إسافة وجمعر

                                                          وقيل : أرض أسيفة رقيقة لا تكاد تنبت شيئا . وتأسفت يده : تشعثت . وأساف وإساف : اسم صنم لقريش . الجوهري وغيره . إساف ونائلة صنمان كانا لقريش وضعهما عمرو بن لحي على الصفا والمروة ، وكان يذبح عليهما تجاه الكعبة ، وزعم بعضهم أنهما كانا من جرهم إساف بن عمرو ونائلة بنت سهل ففجرا في الكعبة فمسخا حجرين عبدتهما قريش ، وقيل : كانا رجلا وامرأة دخلا البيت فوجدا خلوة فوثب إساف على نائلة ، وقيل : فأحدثا فمسخهما الله حجرين ، وقد وردا في حديث أبي ذر ; قال ابن الأثير : وإساف بكسر الهمزة ، وقد تفتح . وإساف : اسم اليم الذي غرق فيه فرعون وجنوده ; عن الزجاج ، قال : وهو بناحية مصر . الفراء : يوسف ويوسف ويوسف ثلاث لغات وحكي فيها الهمز أيضا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية