الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                صفحة جزء
                                [ ص: 125 ] 137 - باب

                                لا يكف شعرا

                                782 815 - حدثنا أبو اليمان، نا حماد - هو ابن زيد - عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يسجد على سبعة أعظم، ولا يكف ثوبه، ولا شعره.

                                التالي السابق


                                كف الشعر المنهي عنه، يكون تارة بعقصه، وتارة بإمساكه عن أن يقع على الأرض في سجوده، وكله منهي عنه.

                                أما الأول: ففي " صحيح مسلم " عن كريب ، أن ابن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه، فجعل يحله، وأقر له الآخر، فلما انصرف أقبل إلى ابن عباس ، فقال: ما لك ورأسي؟ فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف ".

                                وخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن حبان في " صحيحه " من حديث أبي رافع ، أنه مر بالحسن بن علي وهو يصلي، وقد عقص ضفيرته في قفاه، فحلها، فالتفت إليه الحسن مغضبا، فقال: أقبل على صلاتك ولا تغضب، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: " ذلك كفل الشيطان ".

                                وقال الترمذي : حديث حسن.

                                وخرجه الإمام أحمد وابن ماجه من وجه آخر، عن أبي رافع ، أنه رأى [ ص: 126 ] الحسن بن علي يصلي وقد عقص شعره، فأطلقه - أو نهى عنه - وقال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره.

                                وفي الباب أحاديث أخر.

                                وممن نهى عن الصلاة مع عقص الشعر: علي وابن مسعود وأبو هريرة ، وقالا: إن الشعر يسجد مع صاحبه.

                                زاد ابن مسعود : وله بكل شعرة حسنة.

                                وفي رواية: أن رجلا قال لابن مسعود : إني أخاف أن يتترب، قال: تربه خير لك.

                                وعن عثمان بن عفان ، قال: مثل الذي يصلي وقد عقص شعره مثل الذي يصلي وهو مكتوف.

                                وقطع حذيفة ضفيرة ابنه لما رآه يصلي وهو معقوص.

                                وأما الثاني: فقال ابن سيرين : نبئت أن عمر بن الخطاب مر على رجل قد طول شعره، كلما سجد قال هكذا، فرفع شعره بظهور كفيه، فضربه، وقال: إذا طول أحدكم فليتركه يسجد معه.

                                وروى عبد الله بن محرر ، عن قتادة ، عن أنس ، قال: رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلا يسجد وهو يقول بشعره هكذا بكفه عن التراب، فقال: " اللهم، قبح شعره " قال: فسقط .

                                خرجه ابن عدي .

                                [ ص: 127 ] وابن محرر ، ضعيف جدا من قبل حفظه، وكان شيخا صالحا.

                                قال الإمام أحمد : إذا صلى فلا يرفعن ثوبه ولا شعره ولا شيئا من ذلك؛ لأنه يسجد.

                                وكف الشعر مكروه كراهة تنزيه عند أكثر الفقهاء، وحرمه طائفة من أهل الظاهر وغيرهم، واختاره ابن جرير الطبري ، وقال: لا إعادة على من فعله، لإجماع الحجة وراثة عن نبيها -عليه السلام- أن لا إعادة عليه.

                                وحكى ابن المنذر الإعادة منه عن الحسن .

                                ورخص فيه مالك إذا كان ذلك قبل الصلاة، لمعنى غير الصلاة، وسنذكره إن شاء الله سبحانه وتعالى.



                                الخدمات العلمية