الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 176 ] سورة يوسف

                                                                                                                                                                                                                                      [عليه السلام]

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      الر تلك آيات الكتاب المبين

                                                                                                                                                                                                                                      فصل في نزولها

                                                                                                                                                                                                                                      هي مكية بالإجماع . وفي سبب نزولها قولان : أما القول الأول ، فروي عن سعد بن أبي وقاص قال : أنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاه ، عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو قصصت علينا ، فأنزل الله تعالى : " الر تلك آيات الكتاب المبين " إلى قوله : " نحن نقص عليك أحسن القصص " ، فتلاه عليهم زمانا ، فقالوا : يا رسول الله ، لو حدثتنا ، فأنزل الله تعالى الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني [الزمر :23] كل ذلك يؤمرون بالقرآن . وقال [ ص: 177 ] عون بن عبد الله : مل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملة ، فقالوا : يا رسول الله حدثنا ، فأنزل الله عز وجل الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني [الزمر :23] ، ثم إنهم ملوا ملة أخرى ، فقالوا : يا رسول الله ، فوق الحديث ، ودون القرآن ، يعنون القصص ، فأنزل الله " نحن نقص عليك أحسن القصص " فأرادوا الحديث ، فدلهم على أحسن الحديث ، وأرادوا القصص ، فدلهم على أحسن القصص . والثاني : رواه الضحاك عن ابن عباس قال : سألت اليهود النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : حدثنا عن أمر يعقوب وولده وشأن يوسف . فأنزل الله عز وجل " الر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلناه قرآنا عربيا " وذلك أن التوراة بالعبرانية ، والإنجيل بالسريانية ، وأنتم قوم عرب ، ولو أنزلته بغير العربية ما فهمتموه ، وقد بينا تفسير أول هذه السورة في أول (يونس) إلا أنه قد ذكر ابن الأنباري زيادة وجه في هذه السورة ، فقال : لما لحق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملل وسآمة ، فقالوا له : حدثنا بما يزيل عنا هذا الملل ، فقال : " تلك الأحاديث التي تقدرون الانتفاع بها وانصراف الملل ، هي آيات الكتاب المبين "

                                                                                                                                                                                                                                      وفي معنى " المبين " خمسة أقوال :

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها : البين حلاله وحرامه ، قاله ابن عباس ، ومجاهد . والثاني : المبين للحروف التي تسقط عن ألسن الأعاجم ، رواه خالد بن معدان عن معاذ بن جبل . والثالث : البين هداه ورشده ، قاله قتادة . والرابع : المبين للحق من الباطل . والخامس : البين إعجازه فلا يعارض ، ذكرهما الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية