الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2963 باب ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ما سأل هوازن النبي صلى الله عليه وسلم برضاعه فيهم فتحلل من المسلمين ، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعد الناس أن يعطيهم من الفيء والأنفال من الخمس وما أعطى الأنصار وما أعطى جابر بن عبد الله من تمر خيبر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  باب مرفوع على أنه خبر مبتدإ محذوف تقديره : هذا باب يذكر فيه ، ومن الدليل إلى آخره ، وقال بعضهم : ومن الدليل عطف على الترجمة التي قبل ثمانية أبواب ; حيث قال : الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال هنا : لنوائب المسلمين ، وقال بعد باب : ومن الدليل على أن الخمس للإمام . انتهى . قلت : لا وجه لدعوى هذا العطف البعيد المتخلل بين المعطوف والمعطوف عليه أبواب بأحاديثها ، فإن اضطر إلى القول بهذا لأجل الواو فيقال له : هذه ليست بواو العطف ، وإنما مثل هذا يأتي كثيرا بدون أن يكون معطوفا على شيء ، فيقال : هذه واو الاستفتاح ، وهو المسموع من الأساتذة الكبار ، ولما ذكر أولا الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر لنوائب المسلمين ، ثم ذكر أن الخمس للإمام ، فطريق التوفيق بينها أن الخمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم للإمام بعده يتولاه مثل ما كان صلى الله عليه وسلم يتولاه ، وأما قوله هنا : لنوائب المسلمين ، هو أنه لا يكون إلا مع تولي النبي صلى الله عليه وسلم قسمته ، وله أن يأخذ منه ما يحتاج إليه بقدر كفايته ، وكذلك من يتولى بعده ، وقال بعضهم : وجوز الكرماني أن يكون كل ترجمة على وفق مذهب من المذاهب ، وفيه بعد ; لأن أحدا لم يقل : إن الخمس للمسلمين دون النبي صلى الله عليه وسلم ودون الإمام ولا للنبي صلى الله عليه وسلم دون المسلمين وكذا للإمام . انتهى . قلت : عبارة الكرماني هكذا ، فإن قلت : ترجم هذه المسألة أولا بقوله : ومن الدليل على أن الخمس لنوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وثانيا بقوله : ومن الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين ، وثالثا : أن الخمس للإمام فما التلفيق بينها ؟ قلت : المذاهب فيه مختلفة فبوب لكل مذهب بابا ، وترجم له ، ولا تفاوت في المعنى ; إذ نوائب رسول الله صلى الله عليه وسلم هي نوائب المسلمين ، ولا شك أن التصرف فيه له ولمن يقوم مقامه انتهى . قلت : قوله : " ولا تفاوت في المعنى " ينبئ عن وجه التوفيق مثل ما ذكرناه غير أنه قال لكل مذهب بابا بحسب النظر إلى الظاهر ، وأما بالنظر إلى المعنى فما قاله ، على أنا نقول : في هذا الباب مذاهب ، وذكر المفسرون في قوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول قال أبو جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية الرياحي قال : كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة يكون أربعة أخماسها لمن شهدها ، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه ، فيأخذ منه الذي قبض كفه فيجعله للكعبة ، وهو سهم الله ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم ، فيكون سهم للرسول وسهم لذوي القربى وسهم لليتامى [ ص: 56 ] وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل ، وروى علي بن طلحة عن ابن عباس قال : كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس ، فأربعة منها بين من قاتل عليها ، وخمس واحد على أربعة أخماس ، فربع لله وللرسول ، فما كان لله وللرسول فهو لقرابة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ولم يأخذ النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من الخمس شيئا ، وروى /0 ابن أبي حاتم /0 بإسناده عن عبد الله بن بريدة في قوله واعلموا أنما غنمتم الآية قال : الذي لله فلنبيه والذي للرسول فلأزواجه . وروى أبو داود والنسائي من حديث عمرو بن عنبسة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم إلى بعير من المغنم ، فلما سلم أخذ وبرة من ذلك البعير ثم قال : " ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذا إلا الخمس والخمس مردود فيكم " ، وقال جماعة : إن الخمس يتصرف فيه الإمام بالمصلحة للمسلمين كما يتصرف في مال الفيء ، وقالت طائفة : يصرف في مصالح المسلمين ، وقالت طائفة : بل هو مردود على بقية الأصناف ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، وقال ابن جرير : وهو قول جماعة من أهل العراق وقيل : إن الخمس جميعه لذوي القربى كما رواه ابن جرير حدثنا الحارث بن عبد العزيز حدثنا عبد الغفار حدثنا المنهال بن عمر : سألت عبد الله بن محمد بن علي وعلي بن الحسين عن الخمس فقالا : هو لنا فقلت لعباس : إن الله يقول واليتامى والمساكين وابن السبيل فقال : يتامانا ومساكيننا . قوله : " لنوائب المسلمين " النوائب جمع نائبة ، وقد فسرناها بأنها ما ينوب الإنسان من الحوادث . قوله : " ما سأل " في محل الرفع على الابتداء ، وخبره قوله : " ومن الدليل "، قوله هوازن مرفوع لأنه فاعل سأل ، وهو أبو قبيلة ، وهو هوازن بن منصور بن عكرمة بن قيس غيلان قال الرشاطي : في هوازن بطون كثيرة وأفخاذ ، وفي خزاعة أيضا هوازن بن أسلم بن أفصى قوله : " النبي " منصوب بقوله : " سأل " قوله : " برضاعه فيهم " أي بسبب رضاعه صلى الله عليه وسلم فيهم ، ويروى : " برضاعة " بلفظ المصدر والتنوين ، وذلك أن حليمة بفتح الحاء المهملة السعدية التي أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم منهم ; إذ هي بنت أبي ذؤيب بضم الذال المعجمة عبد الله بن الحارث بن شجنة بكسر الشين المعجمة وسكون الجيم وفتح النون ابن صابر بن رزام بكسر الراء وتخفيف الزاي ابن ناضرة بالنون والضاد المعجمة والراء ابن سعد بن بكر بن هوازن .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فتحلل من المسلمين " أي استحل من الغانمين أقسامهم من هوازن ، أو طلب النزول عن حقهم ، وقد مر تحقيقه في كتاب العتق في باب من ملك من العرب رقيقا . قوله : " وما كان " عطف على قوله : " ما سأل " قوله : " من الفيء والأنفال " الفيء ما يحصل من الكفار بغير قتال والأنفال جمع نفل بالتحريك ، وهو ما شرط الأمير المتعاطي خطر من مال المصالح ، وهو الغنيمة ، هذا في اصطلاح الفقهاء ، وأما في اللغة فقال الجوهري : الفيء الخراج والغنيمة والنفل الغنيمة . يقال : نفلته تنفيلا أي أعطيته نفلا . قوله : " وما أعطى الأنصار " عطف على قوله : " وما كان " ، وقوله : " وما أعطى جابر بن عبد الله " عطف على ما قبله . قوله : " من تمر خيبر " بالتاء المثناة من فوق ، أو بالثاء المثلثة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية