الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 186 ] ( إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ) .

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى ( إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وما لهم من ناصرين ) .

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى لما ذكر من قبل حال من يعرض ويتولى بقوله ( وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ) أردفه بصفة هذا المتولي فذكر ثلاثة أنواع من الصفات :

                                                                                                                                                                                                                                            الصفة الأولى : قوله ( إن الذين يكفرون بآيات الله ) .

                                                                                                                                                                                                                                            فإن قيل : ظاهر الآية يقتضي كونهم كافرين بجميع آيات الله واليهود والنصارى ما كانوا كذلك لأنهم كانوا مقرين بالصانع وعلمه وقدرته والمعاد .

                                                                                                                                                                                                                                            قلنا : الجواب من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن نصرف آيات الله إلى المعهود السابق وهو القرآن ، ومحمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن نحمله على العموم ، ونقول إن من كذب بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم يلزمه أن يكذب بجميع آيات الله تعالى لأن من تناقض لا يكون مؤمنا بشيء من الآيات إذ لو كان مؤمنا بشيء منها لآمن بالجميع .

                                                                                                                                                                                                                                            الصفة الثانية : قوله تعالى : ( ويقتلون النبيين بغير حق ) وفيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قرأ الحسن " ويقتلون النبيين بغير حق " وهو للمبالغة .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : روي عن أبي عبيدة بن الجراح أنه قال : قلت يا رسول الله أي الناس أشد عذابا يوم القيامة ؟ قال : رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ، وقرأ هذه الآية ثم قال : يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار في ساعة واحدة ، فقام مائة رجل واثنا عشر رجلا من عباد بني إسرائيل ، فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار في ذلك اليوم فهم الذين ذكرهم الله تعالى . وأيضا القوم قتلوا يحيى بن زكريا ، وزعموا أنهم قتلوا عيسى ابن مريم فعلى قولهم ثبت أنهم كانوا يقتلون الأنبياء .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية