الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 353 ] ثم دخلت سنة ثمان وثلاثين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في ربيع الأول منها حاصر بغا مدينة تفليس وعلى مقدمته زيرك التركي ، فخرج إليه صاحب تفليس إسحاق بن إسماعيل فقاتله ، فأسر إسحاق ، فأمر بغا بضرب عنقه وصلبه ، وأمر بإلقاء النار في النفط إلى نحو المدينة وكان أكثر بنائها من خشب الصنوبر ، فأحرق أكثرها ، وأحرق من أهلها نحوا من خمسين ألف إنسان ، وطفئت النار بعد يومين ; لأن نار الصنوبر لا بقاء لها ، ودخل الجند فأسروا من بقي من أهلها ، واستلبوهم حتى استلبوا الموتى . ثم سار بغا إلى مدن أخرى ممن كان يمالئ أهلها مع من قتل نائب أرمينية يوسف بن محمد بن يوسف ، أخذا بثأره وعقوبة لمن تجرأ عليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها جاءت الفرنج في نحو من ثلاثمائة مركب ، قاصدين ديار مصر من ناحية دمياط فدخلوها فجأة فقتلوا من أهلها خلقا كثيرا ، وحرقوا المسجد الجامع والمنبر ، وأسروا من النساء نحوا من ستمائة امرأة ; من المسلمات مائة وخمسة وعشرون ، والباقيات من نساء القبط ، وأخذوا من الأسلحة والأمتعة [ ص: 254 ] والمغانم شيئا كثيرا جدا ، وفر الناس منهم في كل جهة فكان من غرق في بحيرة تنيس أكثر ممن أسروه ، ثم رجعوا على حمية ، ولم يعرض لهم أحد حتى رجعوا بلادهم ، لعنهم الله وقبحهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة غزا الصائفة علي بن يحيى الأرمني . وحج بالناس أمير السنة التي قبلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية