الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 437 ] ثم دخلت سنة أربع وأربعين ومائتين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في صفر منها دخل الخليفة المتوكل إلى مدينة دمشق في أبهة الخلافة ، وكان يوما مشهودا وكان عازما على الإقامة بها وأمر بنقل دواوين الملك إليها ، وأمر ببناء القصور بها فبنيت بطريق داريا ، فأقام بها مدة ، ثم إنه استوخمها ، ورأى أن هواءها بارد ندي ، وماءها ثقيل بالنسبة إلى هواء العراق ومائه ، ورأى الهواء بها يتحرك من بعد الزوال في زمن الصيف ، فلا يزال في اشتداد وغبار إلى قريب من ثلث الليل ، ورأى كثرة البراغيث بها ، ودخل عليه فصل الشتاء فرأى من كثرة الأمطار والثلوج أمرا عجيبا ، وغلت الأسعار وهو بها ، وانقطعت الأجلاب بسبب كثرة الأمطار والثلوج ، فضجر منها ، فجهز بغا إلى بلاد الروم ، ثم رجع من آخر السنة إلى سامرا بعدما أقام بدمشق شهرين وعشرة أيام ، فالله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي هذه السنة أتي المتوكل بالحربة التي كانت تحمل بين يدي رسول الله [ ص: 438 ] صلى الله عليه يوم العيد وغيره ، وقد كانت للنجاشي فوهبها للزبير بن العوام ، فوهبها الزبير للنبي صلى الله عليه وسلم فلما صارت إلى المتوكل على الله فرح بها فرحا شديدا ، وأمر صاحب الشرطة أن يحملها بين يديه كما كانت تحمل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها غضب المتوكل على الطبيب بختيشوع ونفاه وأخذ ماله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس فيها عبد الصمد المذكور قبلها .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      واتفق في هذه السنة يوم عيد الأضحى ، وعيد الفطر لليهود وشعانين للنصارى ، وهذا أمر عجيب غريب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية